المحامي شادي الصح
مختلف البلدان يحدثونني عن المقابلة ويذكرون أيام زمان، لذلك سأحاول الربط بين المقابلة وبين ما نعيشه اليوم.
عناوين المقال:
في هذا المقال سأتحدث عن إزدواجية العربي في هذه البلاد وعن العنف والجريمة، وماذا يحدث إن قامت الشرطة بإطلاق الرصاص على مُطلقي الرصاص ومروعي الآمنين وسأتحدث عن أيام زمان، الرجوع إلى السميدة والبرغل والحصيرة التي كان أجدادنا يجلسون عليها، وكان الأمن والأمان.
العربي في هذه البلاد يعيش حالة من الإزدواجية في تعامله مع نفسه أولاً، وفي تعامله مع مؤسسات الدولة ثانياً، حتى أنه يعيش حالة من التناقض لا يعيشها أي عربي يعيش في دولة عربية ما.
تناقض داخلي وآخر خارجي:
في تعامل المواطن العربي نجده يتعامل بإزدواجية واضحة كالشمس في وضح النهار، في أبسط الأمور، في قيادته لمركبته داخل القرية وخارجها، فقيادته للسيارة تختلف كلياً، ففي بلده يخالف كل القوانين والأعراف، وفي خارج بلدته ينضبط انضباطاً كاملاً، محافظاً وملتزماً بقوانين السير وباقي القوانين الأخرى.
من أهم عيوب العربي الازدواجية بين ما نراه منه وبين ما يطبقه خفية، سبب هذه الازدواجية هو خلل في القيم والأخلاق، حتى صارت الازدواجية صفة تلازم العربي، والخلل في منظومة الاخلاق يجعل من الازدواجية " ريحا عاتية " تعصف بكل مناحي الحياة، حتى انعدم الشعور بالذنب ومات تأنيب الضمير، وصرنا نعتدي على حقوق الآخرين، حتى الحق في الحياة الذي يعتبر من أقدس المقدسات.
بذلك وجدت الازدواجية العربية المعروفة بين داخل الإنسان وخارجه، وأمام الذات وبين الناس. الأمر الذي رسخ كل الانحدارات الأخلاقية، والفساد المجتمعي، من غش وسرقة ورشوة ومحسوبية وانحدار في الأخلاقيات.
حتى في التوجه هناك تناقض:
قبل فترة تم إطلاق الرصاص على شاب في بلدة في منطقة الشاغور، بعد أن تم رصده يحاول إلقاء عبوة ناسفة على أحد البيوت، هو من بلدة أخرى وليس من البلدة التي وقعت فيها الحادثة، صدفة أو لا تواجدت الشرطة هناك وأطلقت النار عليه.
قبل أيام وقع ذلك في مدينة عربية أخرى، اذ تم إطلاق الرصاص على شاب بعد اشتباكه مع الشرطة وفي بلدة أخرى ... هذا ممكن أن يحدث في أي بلد عربي.
لا تنسوا بأن المعظم من أبناء مجتمعنا كان ينادي ويصرخ بأن تأخذ الشرطة زمام الأمور وأن تسيطر على الوضع لإيقاف شلال الدم الجاري.
وما أن قامت الشرطة بدورها حتى صرنا نسمع لماذا؟ لم ؟ ولماذا! لماذا أطلقت الشرطة النار!
لكن أنتم من طالبتم الشرطة بالتحرك لإيقاف شلال الدم في مجتمعنا العربي، فلا يمكن التوجه للشرطة ولومها عندما تقوم بواجبها.
الميزانيات التي تتبخر:
من منكم لم يسمع عن تبخر الـ 150 مليون شيقل التي خصصت لبرامج للبلديات والمدارس العربية، لكن تلك الأموال لم يتم تخصيصها لأهدافها ( الخروج من آفة العنف) إنما تم استغلال تلك الأموال بطرق غير مشروعة، ليس فقط في تلك الأموال، إنما الملايين ضاعت في طرق غير مشروعة فعندما تضيع الأمانة يضيع معها كل شيء في هذه الدنيا.
" وقفوهم إنهم مسؤولون "
آية قرآنية عظيمة لو تفقهوا ووقفتم عندها لما أقدم أي مسؤول على العبث واستغلال الأموال بطريقة غير قانونية وغير مشروعة. وقفوهم انهم مسؤولون عن مشاعرهم، عن كلماتهم، عن آمانتهم، وأبنائهم، وأرحامهم، وعن أموالهم، ومجتمعاتهم، عن دينهم، وعن زلاتهم وغدراتهم، عن أخطائهم وفجروهم، وعن خلواتهم وجولاتهم، تجبرهم وطغيانهم، عن بغيهم وفسادهم، عن ظلمهم وعن عبثهم في بلدانهم. " وقفوهم إنهم مسؤولون " لأن المسؤولية أمانة، وعدم القيام بها حق القيام خيانة !
عاطفة العربي ( العاطفة الشرقية ):
كلٌ يحلل الحدث من وجهة نظره، وللعاطفة كان دوراً أساسياً! لا أقيّم عمل الشرطة، وماذا كان على الشرطة ان تفعل في مثل هذه الحالة مقارنة مع حالات أخرى. لنفرض بأن الشباب نفذوا ما عقدوا العزم عليه ولم يتم الإمساك بهم، كان وقتها ستتعالى الأصوات الداعية الصارخة لأن تمسك الشرطة زمام الامور وتقوم بواجبها.
إختلف كل شيء:
لا تلوموا الأهل فكثر لا يعرفون ما يقوم به الأبناء، صحيح أن الساعة كانت الثالثة قبيل الفجر، وأنه كان على الأهل أن يراقبوا، لكن نحن في زمن رديء، وقلة من الأباء يعرفون ما يقوم به الأبناء.
نحن في زمن فيه الكثير من المغريات، عصر التكنولوجيا الذي دخل اليه مجتمعنا من أوسع أبوابه. لكن رجعت العائلية والحمائلية والعصبية القبلية.
اختلف كل شيء في هذا الزمن فلم يعد ما كان على ما كان.
متى كنتم تشاهدون فتيات ونساء في يقدن سياراتهن بسقف مفتوح، يد واحدة على المقود والثانية خارج السيارة؟ متى كنتم تشاهدون النساء يقدن السيارات وأصوات الموسيقى تسمع من سياراتهن ؟
وما زلتم تتساءلون !
توقعوا كل شيء! توقعوا ما لا تتوقعون!! توقعوا غير المتوقع!
الشرطة قادرة على اجتثاث العنف
الشرطة قادرة على اجتثاث آفة العنف ومنع القتل، كما استطاعت أن تمنعه في تل أبيب ونتانيا واجتثته كلياً من هناك.
لدى الشرطة أجهزة وتقنيات مختلفة ومتطورة تستطيع معرفة إن كان حجر نقل من مكانه في أي بلدة عربية. حجر إن نُقل من مكانه تستطيع الشرطة معرفة من نقله.
لم تستطع شرطة اسرائيل القضاء على الجريمة المنظمة في الوسط العربي، بل استطاعت بأن تقضي على الجريمة المنظمة في تل أبيب ونتانيا حيث مركز عصابات الاجرام! ماذا حدث ؟ دخلت الجريمة الى الوسط العربي من الباب الخلفي، حيث كانت الأرضية مهيأة وخصبة، وشباب متعطشون لبلوغ القمة، فلا يهم الوسيلة، المهم بأن يحصلوا على الأموال بطرق سهلة.
في كل مركز للشرطة هناك جهاز للمخابرات مسؤول عن بلد معين يعرف كل صغيرة وكبيرة تدور في هذا البلد، وان حدثت مشكلة ما في بلد عربي ما تتهافت التلفونات لرجل المخابرات ليطلق سراح المعتقلين! ( بطلوا يخجلوا صار كل واحد بدو يبين ان له علاقات) ولا يعرفون بأن تلك العلاقات هي السبب لسيلان الدماء ( هذا الكلام من ضابط شرطة رفيع المستوى).
اقيمت " وحدة سيف " التي أحد أهدافها القضاء على الجريمة في الوسط العربي وكشف المجرمين ( دون تعاون جهاز المخابرات بصدق مع وحدة سيف ستفشل هذه الوحدة) وسنقول "من أول غزواته كسر عصاته" .
" عودوا لأيام زمان فالحل بأيدينا "
" زمان ما أشلب أيام زمان وعيشة زمان "، الشوارع ضيقة، كان الحمار بصعوبة يمر من الشارع، لكن الفرحة كانت على وجوه الناس.
كان الناس يعودون من السهل من " الحصيدة " منهكون من التعب، لكن البسمة كانت تعلو وجوههم ... في سنوات الخمسين لم يكن هنالك قروض ولا سيارات ولا سوق سوداء ولا عالم سفلي، لا " طقية سودا " ولا لحية ولا " ارجيلة " ولا " أراضي يتقتلوا عليها "، ولا حدو ...د أي مشكلة كانت تحل بكلمة، لأنه في كل عائلة كان " أوادم " زعماء بحق وحقيقة، أما اليوم في " العيلة مين موجود ؟ " ، " مين بمون ع إبنه أو ع بنته " ؟ ، " حدا برد ع حدا ؟ ".
أين أيام " القعدة حول الموقدة "، وحول " كانون النار " اذ كانت العائلة تلتئم وتحكي القصص والحكايات . لماذا لا تعودون لتلك الأيام ؟
لم تكن " مواقع تواصل اجتماعي "، لكن كانت العلاقات الاجتماعية، أقوى بكثير. ماذا سيتذكر جيل اليوم " البلاي ستيشن " ، " الأتاري " و" الفورت نايت ".
هذا ما سيذكره هذا الجيل ! هل سيذكر " الطبلية " و " البرغل " والتراث ؟ سيذكرون أسماء مزيفة على شبكة الانترنت، دون مشاعر، أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطان، اصبحنا مجرد أسماء على الانترنت …
الحل يا جماعة أن نرجع لأيام زمان، اتركوا " اللحمة المشوية " و " أكل اللحم الحي " والمطاعم والصور في المطاعم، وارجعوا " للعلت " والخبيزة للسميدة والمجدرة للبرغل و" الشلباطة " هذه الأكلات الطيبة المغموسة بالمحبة بتراب الأرض، بتعب الأجداد والآباء بعرق جبين صادق، جميلة هي أيام زمان ورائعون هم الأشخاص، قديما كنا نتوق الى البساطة الى بريق العيون الذي يضيء محبة الى سماع الضحكات الجميلة الى القلوب النظيفة والأفكار المضيئة.. نحن الى تلك الأيام.
النهاية:
الحل بأيديكم وايدينا " دشرونا الحل بأيدكوا "، أ" كم من مرة قلتلكوا احنا شعب بطرانين بنطوش ع شبر مي ولبسنا ثوب مش النا ولا عقدنا فبلاش نلوم فلان وعلان وافهموها كيف بدكوا تفهموها".
" اكثر شعب بنوكل اللحمة المشوية ومش بس اللحمة المشوية واللحم الحي نلوك بلحوم بعضنا البعض وعايشين على القروضات من البنوكة ومن السوق السودا "، " لشو للرحل لازم اطلع رحلة لأنو جاري طلع رحلة ولازم أجيب سيارة من الشركة لأنو جاري جاب سيارة من الشركة، والشباب (!) لازم يعمل تعديلات عالسيارة ( نفخ) عشان بالليل يسمع الناس النايمة صوت السيارة ! والأهل يعرفون كل ما أقول يشاهدون بل ويدعمون اما بالصمت والسكوت واما بالتصريح والتلميح ".
والعرس " لازم مية خروف وأصور الخرفان المذبوحة والعرس لازم اجيب مغني يكلفني ثلاثين ألف شيكل دحية وصياح وسكر وشرب وبار الخ كلكوا بتعرفوا والعروس حفلة توديع عزوبية لصاحباتها وما أدراك وللمحكمة الشرعية بعد أسبوع أو أسبوعين وبعدهن عم بيسدوا دين العرس بيتطلقوا وبظل دين العرس "!.
والشباب الضايع لازم يحجز للحلاقة لحيته السوداء والطقية الي لابسها والبنت الي بتطلع من قلب دارها من أمام أهلها بملابس فاضحة وترجع آخر الليل
و" دشرك من الكلاب ... البنت الي بتنيم الكلب حدها ولا البسة ولازم كل ليلة تطلع تتمشى مع الكلب تبعها بالليل جاررتوا عشان صاحباتها جابوا كلب ….وزناخة البنات ووقاحة الشباب !".
هذا ما يسمونه (بالعربي الجيد)، والأهل ساكتين والي بينتقد هاي التصرفات بيقولوا عنو رجعي ( التقدميين) مشكلتنا عايشين عشان نقلد بعضنا البعض.
اثناء كتابتي هذا المقال وإذ بي أقرأ في موقع بانيت عن قتيل آخر في جسر الزرقاء.
وأقم الصلاة.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected] .