صور من مفلح طبعوني
مميز من الناصرة وضواحيها وأعضاء من اتحاد ادباء الكرمل 48 وشخصيات مهتمة بالادب.
تولت عرافة البرنامج المربية أنيسة عابد حيث استهلت حديثها من كلمات الطبعوني
"جفرا" لم تضرب الحصان ولم تتركه وحيدا ستعود جفرا مع المسك والفل مع البقل ومع الورد
احببناها في الأسر في زمن السلم والحرب سوف تعود ربّة الصيد والخصب، ربة العتمة والنور، ربة السبع والجوع، سوف تعود سوف تعود مع المطر والشمس. وقدمت الناقد د. رياض الكامل حيث ربط ما بين العنوان ودلالاته ومضمون الديوان. وأضاف قائلا: "من يقرأ شعر الطبعوني عامة وهذا الديوان خاصة فسيقع على قصائد تحمل من التضاد ما يلفت النظر، في شعره حزن وألم رغم نبرة التمرد.
ورأى أن الطبعوني يبتعد عن الشعر التقليدي، فقال: "أما من حيث الشكل فإن الطبعوني لم يلتزم أبدا بأصول الشعر العمودي، ولم ينشغل أبدا بالصدر والعجز وبكل ما يتعلق بعمود الشعر من قيود، مؤمنا أن هذه القيود أشبه بالقيود الاجتماعية التي تقيِّد مجتمعَنا وتسحبُه نحو الماضي، فنراه يكتب الشعر الحر غيرَ الملتزم بالوزن والقافية، أو يكتب ما يسمى ب "شعر التفعيلة". وكي يعوض الشاعر، في "الشعر المنثور" عن قضية الموسيقى التي اعتادت عليها الأذن العربية فإنه يذهب، أحيانا، باتجاه الموسيقى الداخلية للألفاظ أو ما يسمى بالجرس الحرفي، وخلق صور شعرية مبتكرة تشغل القارئ عن قضايا الشكل."
وقد رأى أنّ "الشاعر مولع بالترميز لدرجة قد ترهق القارئ فتحول دون إدراك بعض التراكيب، فيلجأ إلى فتح كوّة بديلة يلج المتلقي من خلالها حتى يتفاعل مع النص، باحثا عن متلق يدرك معنى النور ويؤمن أنّ النار قد تحرق اليابس من الفكر فقط."
هذه هي بوصلة الطبعوني ويقيني أنها لن تغير مسارها.
" مداخلات "
المداخلة الثانية كانت للدكتورة علا عويضة تحدثت عن "صوّر الشّاعر مفلح طبعوني في قصائده الواقع بأبعاده المختلفة: السّياسيّة، الاجتماعيّة والاقتصاديّة؛ فنجده يكتب عن الوطن، الأرض، الإنسان، الحبّ، الطّرد والتهجير، النّضال، العنف والمرأة. كما وجّه قلمه إلى أولئك الذين لا يملكون فكرًا واضحًا ويفاوضون على ما تبقّى لنا من خيام وعلى قضيّة اللاجئين."
"نلحظ أنَّ قصائد طبعوني تتفاوت من حيث الطول، فبعضها لا يتجاوز الأربعة أسطر وبعضها الآخر يمتدُّ على عدّة صفحات، كما أنّها تتفاوت من حيث الوضوح والإيحاء. أمّا لغته، فبسيطة، غير معقّدة، نسج منها صوره الشّعريّة التي تتفاوت هي الأخرى في مستوى حبكها ونسجها".
"مفلح طبعوني، شاعر وطنيّ، مثقّف، مناضل، شيوعيّ يحمل همّ أمته، ملتزم بقضايا الوطن ويطمح إلى تغيير هذا الواقع البائس. إنَّ انتماءه السّياسيّ والفكريّ شكّلا أرضًا خصبة لقصائده ولمعجمه الشّعريّ، أشعلا قريحته الشّعريّة وقناديل حروفه".
المداخلة الثالثة كانت للأستاذ الاديب الدكتور فيصل طه قراءة أدبية " عودة جفرا " للشاعر مفلح طبعوني... جفرا حاضرة، لا تعرف الغياب، وعودتها حتمية.
جفرا حاضرة في ذهن وخيال وواقع الشاعر مفلح طبعوني، كما هي حاضرة في بواطن وآفاق شعبه، وما عودة جفرة الا حضورها العميق المتكرر في كينونة حضوره، عودة جفرا كجفرى، لا تعرف الغياب الدائم، ولا المؤقت. عودة جفرا، هي حركة دائرية دوُوبة، حاضرة بكليتها، تشع حضورا ابديا، هي كالشمس لا تعرف الخمود والسكينة، غيابها حاضر موجع ساخن ساخر، وحضورها فَرَح رابض على طرقات العودة، عودة جفرا الى جفرا، عودة جفرا الى ذاتها. يصر الشاعر مفلح رغم الآلام على عودة جفرا الحتمية "جفرا عادت تحمل اوجاع الحب"، انها عودة موجعة، دامعة، حالمة "جفرا تحلم بالغيم"، جفرا تحمل اعباءها، أعباءنا همومنا، تحملنا نحملها، تحمل عمرانها، تحمل حيفا "نحو نخيل الاغوار" و" تحمل يافا نحو الاعماق" وتحمل عكا التي " ما زالت فوق الاسوار تتصارع مع حيتان الظلمات" ساخرة باسمة، باكية "تذرف مع أحزان الفل دمعا" ساخنا آملا بالفرح، جفرا ترافقنا، تلاحقنا نلاحقها، تأخذنا "من جبل المصلوب الى باب العمود" الى "وادي القرن حتى جبل النار" و"اريحا صارت كالصبار".
شِعره ممتع، غنيُّ الدلالات، عميقُ المعاني، يأخذك برغبة وسلاسة الى عوالمه الخيالية والواقعية، الى العمق والبساطة، وَيَدَعُكَ تتأمل، تجتهد وتفكر واحيانا يَدعُكَ على راحتك بردا وسلاما سهولا، هذه هي جفرا، يختلط فيها التبسيطُ بالتركيب، والفرحُ بالحزن، والفناءُ بالوجود، الرحيلُ بالعودة والأملُ بالأمل والعودةُ بالعودة ، عودةُ جفرا.
واختتم اللقاء بكلمة شكر من الشاعر الطبعوني وقرأت شعرية .