د. احمد فياض محاميد - صورة شخصية
هو يشجع على تفشيها. ولكن يجب علينا ان نفرق بين الدوافع للجريمة وبين نتيجتها. عدم الكشف عن هواية الجاني هو نتيجة لتفشي الجريمة وليست سببها.
اريد اشدد معظم طبيعة شعبنا يتمتع في منتهى الاخلاق، ومن افضل شعوب العالم ويتعاطف مع الضعيف ويعمل بقول رسول الله صلى عليه وسلم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ِ).
ولكن لا بد من وجود هناك شريحه ضئيلة في كل مجتمع في العالم تُعاني من شُذوذ اخلاقي، لن تنصاع الى ما هو مُتبع من عادات وتقاليد في نفس المجتمع. وهي تبرز اكثر واكثر كلما تتطور وتقدم المجتمع اقتصاديا وحضاريا. هذه الشريحة الشاذة اخلاقيا عادتاً لن تنمو في المُجتمعات الفقيرة. والسبب لذلك في المجتمعات الفقيرة لن توجد فوارق طبقيه. معظم افراد المجتمع تنتمي الى شريحه واحدة. لذلك لا توجد طبقات مهمشا، بينما في المجتمع المتحضر توجد هناك طبقه كهذه. والشذوذ التي تعاني منه هو نتيجة تهميشها.
ارجو ان اقدم مثالا عايني: عندما يقوم النجار في صُنع شكل ما من خشب لا بد نتيجة الادوات التي يستعملها لنشر الأخشاب من سقوط "حثل من الخشب" وهذا يتمثل في الشرائح الشاذة . وهكذا المجتمع كلما تقدم اكثر حضاريا لابد من تواجد هناك شريحه في ادنى السُلم الاجتماعي. لذا لا بد من فوارق طبقيه في المجتمع نتيجة الحضارة. وكلما كانت هناك مجموعات في ادنى السلم لا بد لها من "الاحتجاج" ولبحث عن وسائل لكسب للمال في شتى الاساليب التي تصطدم مباشرتا مع العادات والتقليد والاعراف الاجتماعية وعدم الانصياع للقانون. واحتجتاها" تتمثل في استعمال اساليب القوة ومن ضمنها: القتل، الخواء ،التجارة في المخدرات وما اشبها ذلك. هذا السلوب من الشذوذ في الطبع يشكل خطر على السير السليم لحياة المجتمع. هذا الشذوذ لا بد منه هو نتيجة لإفرازات اجتماعيه لمجموعات مهمشا. وهذه المجموعات تطالب لاحقا من المجتمع ثمن تهميشها، وهذا يتجلى في معظم الاحيان في للإساء اليه في شتى الوسائل بما فيه من عنف. من هنا قاعدة علميه: كلما تطورت الحضارة زادت الشرائح المهمشة والتي بدورها تشكل خطر على سلامة المجتمع. لقد تناولت الدوافع الاجتماعية للعنف والشذوذ بأنواعه المختلفة. لا بد هنا من الآشرة للميزات النفسية التي تُعاني منها هذه الشريحة من ضمتها:
1. الشعور في النقص مقارنتا مع الاخرين، أي عدم الشعور في المساواة مع الغير
2. عدم الثقة في النقس وهذه ينعكس على معظم خطوطه .
3. يعاني من ذعر متواصل ومتزايد مما يجعله يفشل، يمنح الامور اكثر من حجمها الطبيعي .
4. ثقته في الغير شحيحه .
5. احساس بالعدوانية اتجاه المجتمع وشعور بعدم الانتماء اليه، ويتمثل ذلك في الاساء الى مؤسساته المختلفة، برغم من انها وجدت لخدمته. .
6. تمثيل منطقه الضمير شحيح بين سلطات الشخصية وتتوسع الاخيرة على حساب الأولى.
نتيجة تلك الازمات النفسية التي تعاني منها هذه الشريحة فهي تحاول ان تعوض عنها في وسائل تتعارض وتتنقذ مع تَطلعات الُمُجتمع، وهي تحاول ان تبني شخصيتها التي سلبت منه في شتى الوسائل المرفوضة اجتماعيا والتي ذكرت أنفا .
في الواقع هذه الشريحة هي ضعيفة ومسكينة هي حصيلة افرازات اجتماعيه وفوارق طبقيه والدت لديه الشعور في النقص. من هنا واجب علينا ان نحتضنهم ونغمرهم في الحنان التي افتقروه ولماذا؟ لنتخيل للحظه لو اتت وزارة الصحة في اقتراح لأعدم جميع المرضى في المستشفيات بغض النظر عن الامراض التي يعانون. منها لوجدنا حمَلات احتجاجيه منقطعة النظير، مطالبة السطات بمعالجتهم بدلاً من اعدامهم، لا انهم ضعفاء مرضى. لماذا الشريحة الشاذة لا ينطبق عليها نفس المنطق؟ لقد حثنا الإسلام على مساعدة الآخرين، واعتبر ذلك جزءًا من أخلاقيَّات المؤمن وسلوكه في المجتمع، وتكريسًا لإنسانيَّته في تعامله مع الآخرين، وجعل له الثَّواب الكبير على كلّ خطوة يخطوها في قضاء حاجة أخيه، وقد ورد في بعض الآيات القرآنيّة: {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}… وجاء في حديث الرّسول وقال(ص): “من كان في حاجةِ أخيه، كان اللهُ في حاجتِه” .
من المتعارف عليه بان اكثر شريحه مٌعرضه لشذوذ هي شريحه الشباب. لشباب في جميع الأطوار مكانها خاصه وفي أي قطر من الأقطار هم عماد حضارة الأمم، وسر نهضتها؛ لأنهم في سن البذل والعطاء، سن التضحية والفداء. وغالباً ما يمثل الشباب النسبة العظمى من السكان في الدول النامية، الأمر الذي يقتضي مزيداً من الاهتمام به، والاستثمار فيه، حيث يعتمد نمو خيرات هذه المجتمعات، وملاحقتها لمطالب التطور وتفوق هيكل عملها وجودته على مدى جدوى عنصر الشباب فيها، ولهذا السبب نفسه نجد أنه سرعان ما ينهار أي مجتمع وتضيع قيمه إذا ما وهن شبابه، وأغلقت دونه نوافذ العلم والخبرة، بينما تتقدم المجتمعات الأخرى وتسبق غيرها معتمدة على فارق الزمن في إطلاق هذه الطاقات لأقصى ما تستطيع، وكلما اغتنمت الدول طاقات شبابها في العلم والإنتاج وبناء الحضارة زاد إنتاجها وحققت أهدافها.
هذه الشريحة هي اهم وأعظم ثروة للأمم ، فثروة الامم ليست في الذهب الأبيض ولا في الذهب الاسود ، وانما الانسان فهو أغنى من كل شيء . لذا العناية في الانسان هي افضل عبادة من بعد الفرائض. لقد خص الله سبحانه وتعالى الانسان في أحسن تقويم، مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) جمّل الله تعالى وأحسن خِلْقته، إذ لا يوجد جنسٌ في المخلوقات أحسن منه صورةً؛ ، [٨] ثمّ كرمّه بأنْ نفخ فيه من روحه على وجه الاختصاص؛ فلم ينل هذا الفضل أحد سوى الإنسان، قال الله عزّ وجلّ: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ).