صور من المكتبة الوطنية الفلسطينية
تتارستان الاتحادية، يرافقها وفد مهني رفيع المستوى يمثل مختلف مديريات الأرشيف الوطني التتارستاني، وذلك في مقرّ المكتبة الوطنية في رام الله.
وقدّم قراقع عرضاً موسعاً للوفد عن فكرة المكتبة الوطنية الفلسطينية وغاياتها ومبررات وجودها، بصفتها الكيان السيادي المسؤول عن حفظ ورعاية المنتج الثقافي والفكري للشعب العربي الفلسطيني، بدءاً من نشأة الحضارة إلى يومنا هذا، بغير طريقة ووسيلة من وسائل الحفظ والحماية من آفات الحذف والاستلاب.
موضحاً أنه وضمن هذا الجهد سيصار إلى تشييد نظام حماية وصيانة حديثة للمنتج الفني والثقافي والإبداعي الفردي والجماعي الخاص بأبناء الشعب الفلسطيني، سواء المطبوع أو المخطوط أو السمعي والبصري، عبر نظام تسجيل قانوني يلزم المؤلف أو الناشر أو المطبعة، بإيداع نسختين أو أكثر من منتجه لدى المكتبة الوطنية، ضمن شروط معينة لينال بذلك رقماً معيارياً خاصاً به، يضاهي شهادة الميلاد، أو رقم الهوية الوطنية، سواء كان المنتج ورقياً أو إلكترونياً، بهدف حمايته من التلف والضياع وضمان وصوله سليماً للأجيال القادمة.
مؤكداً على أهمية ذلك في حماية حقوق الملكية الفكرية، عبر منصة خاصة بالترقيم المعياري (ردمك) للدوريات المطبوعة باللغة العربية، و (ISBN) للكتب المطبوعة باللغات الأخرى، وهو تدبير عالمي فريد مخصص لحماية حقوق المؤلفين والناشرين عبر العالم سواء كانوا أفراد أو مؤسسات.
وأضاف قراقع، أنشئت المكتبة الوطنية الفلسطينية، استناداً إلى المرسوم الرئاسي رقم (6) لسنة 2019م، الصّادر بتاريخ 5 حزيران 2019م، عن سيادة الرّئيس "محمود عباس - أبو مازن" رئيس دولة فلسطين، وهي بالتالي مشروع حديث ما برح يشق طريقه نحو هدفه وغايته المحددة، وهو جهد يحتاج لكثير من التفاني والتعب حتى يستوي على سوقه، ويصبح حقيقة قائمة أمامنا بكامل بهائها المنشود والمأمول.
كما سلط قراقع الضوء على المخاطر التي من الممكن أن تهدد مشروع المكتبة الوطنية، وفي مقدمتها خطر وجود الاحتلال الإسرائيلي، الذي يناهض خطاب الحق الفلسطيني بكل صوره وتجسيداته، وهذا يعني أن خطر الاستيلاء والاستحواذ على ما سيتم جمعه من قبل المكتبة الوطنية الفلسطينية، هو خطر وتخوف حقيقي.
وتابع: "بالمقابل ننظر للمشروع نفسه كحالة مقاومة ومعاندة لمحاولات الحذف والاستحواذ الخارجي؛ ومحاولة لتثبيت الحق الفلسطيني عبر تعبيراته وتطبيقاته الحضارية المتعددة، وعرض المنتج الثقافي والإبداعي لشعبنا أمام العالم، كمكون أصيل
من مكونات ذاكرة الإنسانية، وكصانع نبيل للقيم الحميدة بين بني البشر".
كما قدم قراقع ملخصاً لأهم أهداف المكتبة الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمتها جمع المنتج الفكري والأدبي والفني والحضاري الفلسطيني، وحفظ الوثائق والمخطوطات القديمة وصيانتها، وجمع الجديد منها، وتأصيل طرق حفظها و أتمتتها.
وتتبع أثر الإصدارات الإقليمية والعالمية، التي تتناول فلسطين بأي طريقة من طرق البحث والتأليف والإنتاج، وإتاحته لجمهور المكتبة، وإعداد وإصدار المطبوعات، وتطوير الخدمات الببليوجرافية والإعلامية باعتبارها مركزاً قومياً للإعلام الببليوجرافي، وإتاحتها ورقياً وإلكترونياً، وتمكين جمهور المتابعين للمكتبة من الاستفادة منها.
والتحول تدريجياً لمصدر المعلومات القومي الرئيس والموثوق، والمساهم البَناء في صناعة المحتوى الوطني على تنوعه واختلافه، وحمايته من تشوش المعرفة والتباسها، وتحديث منصات عصرية للتواصل مع جمهور المهتمين عبر العالم، وتوسيع نطاق الخدمات الإلكترونية لطالبي المعلومات عن فلسطين والباحثين عنها.
علاوة على توقيع مذكرات التعاون والعمل المشترك، مع المكتبات العربية والعالمية المماثلة، لتبادل المنتج الثقافي والحضاري معها، والوصول المنتظم للدوريات والكشَّافات والكتب الجديدة والمخطوطات القديمة؛ وتبادل المعارف المشتركة في مجال الاختصاص.
إلى جانب ضبط إيقاع العمل لدى المكتبات الفلسطينية المحلية، وتزويدها بما تحتاجه من لوازم ومعدات، تسهم في تطويرها وتحسين جودة منتجها، وزيادة فاعليتها المجتمعية، واقتراح النظم والتشريعات، التي من شأنها مستقبلاً تحسين أداء العمل المتسق في قطاع المكتبات الفلسطينية، وتقديم الخدمات المكتبية والمعلوماتية، للأفراد والهيئات الحكومية والأهلية، وعموم الباحثين والمتخصصين داخل الوطن وخارجه، وإنشاء مركزاً للترقيم المعياري والفهرسة، وتعريف الجمهور بأهميته، وتوسيع نطاق استخدامه من قبل الناشرين المحليين.
بدورها قالت رئيس اللجنة الحكومية لأرشيف جمهورية تتارستان، بأنها فخورة بما سمعته من رئيس المكتبة الوطنية، وأنها جاهزة ومستعدة لتقديم الدعم اللازم لها، حتى تتحول إلى حقيقة قائمة على الأرض، لأنها فكرة ثمينة وتستحق الدعم والمؤازرة من كل أصدقاء الشعب الفلسطيني.
بما في ذلك تدريب مبتعثين فلسطينيين في علم المكتبات، لتتم استضافتهم في جامعة (كازان)، التي دشنت قبل سنوات معهداً خاصاً لتأهيل طلاب متخصصين في علم المكتبات وصيانة الوثائق والمحافظة عليها.
كما أبدت استعدادها لتوقيع مذكرة تفاهم بين المكتبة الوطنية الفلسطينية والأرشيف الوطني التترستاني، لتبادل المعرفة حول التاريخ المشترك للشعبين، وتشكيل فريق عمل متخصص من أجل هذه الغاية.
بدوره قدم مدير الأرشيف في المكتبة الوطنية الفلسطينة فواز سلامة، عرضاً موسعاً حول ما يقوم به هذا القسم من أقسام المكتبة، وما أنجزه لغاية الآن، والعقبات التي تعترض عمله وما يحتاجه في مضمار التدريب والتأهيل، لرفع مستوى مهارات العاملين فيه.
علماً أن موظفي الأرشيف في المكتبة الوطنية الفلسطينة، يقومون بعملهم الإلكتروني والمكتبي، وفقاً لمعايير المنظمة الدولية للمواصفات ومعايير المجلس الدولي للأرشيف (ICA)، المراعية للطرق والوسائل الحديثة في الأرشفة والتوثيق العصري للوثائق والمخطوطات.
وأضاف: "يعمل الأرشيف ضمن رؤية شاملة من مرحلين، الأولى: تطوير أرشيفات الوزارات والمؤسسات الحكومية والسيادية، والثانية: جمع الأرشيفات التاريخية الفلسطينية من الدول العربية والصديقة، من خلال الاستراتيجية العربية لاستعادة الأرشيفات العربية المنهوبة والمسروقة والمرحلة."
وتجدر الإشارة، الى أن الوفد يزور محافظة الخليل منذ عدة أيام، وذلك في إطار اتفاقية عمل وتعاون مشترك مع محافظة الخليل، حيث رافق محافظ الخليل اللواء "جبرين البكري" الوفد في زيارته للمكتبة الوطنية، ولمؤسسة وضريح الزعيم الراحل ياسر عرفات"، وهو الذي أثنى على ما تقوم به مؤسسة المكتبة الوطنية الفلسطينية من جهد لحماية الموروث الحضاري للشعب العربي الفلسطيني.
وجمهورية تتارستان هي إحدى الكيانات الفدرالية في روسيا الاتحادية، وتقع على السفوح الغربية لجبال الأورال الفاصلة بين آسيا وأوروبا، وعاصمتها مدينة "كازان".