logo

‘ حتى نلتقي - البخيخ ‘ ، بقلم : يوسف ابو جعفر( ابو الطيب)

21-07-2022 10:16:58 اخر تحديث: 18-10-2022 08:16:28

عاد الصيف ملتهبًا وليس كالعادة، فإذا كان للشتاء وسمٌ ، فوسمُ الصيف هو درجات الحرارة المرتفعة صباحًا ومساءً، زد على ذلك الرطوبة العالية في النقب، نحن هنا لم نتعود

 
يوسف ابو جعفر - صورة شخصية

الرطوبة، كبرنا على الجفاف فكانت درجات الحرارة المرتفعة نهارًا تهدأ مع هروب الشمس نحو الغرب، أما هذه الأيام فقد اصبحت الرطوبة خانقة، يقولون أن الاشجار التي زرعها  الناس في العقود الثلاثة الماضية هي سبب زيادة الرطوبة. الرطوبة مزعجة جدًا خصوصًا عندما تشعر بحبات العرق تتدحرج على جسدك بين مكيف السيارة والمكتب، وبين لقاء في الشمس وأخر في الظل.
ما يجعل الصيف ملتهبًا ليست الحرارة بل الرطوبة، وخصوصًا عندما تبدأ عمليات البخ.

البخ هو إطلاق الماء كرذاذ على الناس لترطيب الجو، هذه الفكرة يجب أن تكون في حالة الجفاف وليس في الرطوبة، لذلك من يقوم بالبخ في هذا الطقس يزيد من حرارة الطقس بالإضافة إلى "ظيقة الخلق" عند الناس.
واكثر انواع البخ رطوبة هو البخ السياسي، لأن البخيخ يحتاج فقط إلى مطرة فارغة ليملأ المكان بخًا ولا أكثر من المطرة لتطلق رذاذك على المارة يمنة ويسرة بل يضيف إليها البخيخ إبتسامة بلهاء  معتقدًا أنه يخدم الأمة والشعب في البخ.
بخيخ السياسة في الواقع هو ليس السياسي المسؤول، ولا الحزبي المؤطر، بخيخ السياسة هو ذلك الذي يعتقد جازمًا أنه أحد هؤلاء.
 في حقيقة الأمر البخيخ يحاول أن يعطي نفسه حجمًا غير حقيقي،  ولذلك لا يمكن تسميته نشيط سياسي، بل بخيخ، وحتى نعرف الفرق بين البخيخ والنشيط السياسي يقوم الثاني   بمحاولة شرح للموقف وللأفكار، بينما الأول  أصم الأذنين ذو إبتسامة بلهاء ينادي كتجار السوق على بضاعته، وعندما يشعر بهبوط الأسعار في السوق يعلي صوته أكثر وأكثر حتى يصبح صراخًا  لتصم أذنيك وتهرب إلى الطرف الأخر لتشتري ولو بسعر أغلى.

المنطقة مقبلة على فترة قوية من البخ، في النقب والمثلث والجليل، كلٌ يشد أحزمته للصراع السياسي، وهذه هي فرصة للبخيخ ليخرج إلى حيز الوجود .
الصيف الملتهب في البلاد يحمل في طياته كثير من الاسئلة منها الحقيقي وقسم كبير يحاول "البخيخة" طرحه لحاجة في نفس يعقوب، هناك بخيخة الداعين للنشاط السياسي، وبخيخة المقاطعين، المشكلة ليست في الطرح المؤيد أو المعارض بل في البخيخة، لكل مجموعة هناك بخيخة، وكلما كَثُرت البخيخة ضاع الفكر، وببساطة هناك هجوم حاد على النقب وكأنه كان يتيمًا، النقب لم يكن كذلك يومًا، بل وأحيانًا  كان بتمثيل أكثر من حجمه العددي ولكن لحجمه المعنوي لم يصل بعد، ليس لكثرة البخيخة بل لكثرة القضايا الملتهبة المختلفة فيه، النقب بحاجة إلى رجال يحملون همه دون رياء وجمهور بخيخة.

سيصبح النقب ملتهبًا حتى ترتيب الأوراق وستزداد حدة اللهيب لأن في النقب يسكن الفكر والفقر، يقطن العز والرجولة والصمود والحفاظ على تقاليد الخير، النقب لم يكن يومًا ساحة خلفية، النقب ليس أجدبًا لينتجع، ففيه أشجار وارفة الظل مباركة لها سنون تسقى بقالب من العمل الديني والسياسي، وكل محاولات تهميش هذا العمل على يدي البخيخة سينتهي مع اقتراب الخريف.
وحتى نلتقي، لن يختفي البخيخة، وسيبقى النقب شاهدًا على الحقائق وسيكتب التاريخ للرجال صدقهم وسيعطي كل مكانته، وبين هذا وذاك  قد نرى غيوم الصيف الصباحية تلك المحملة بالرطوبة معلنة لحبات العرق أنها ستتدحرج على أجسادنا  أكنا في المكيف أم في خيمة صيفية.