logo

مقال :‘ ولا تنسوا الفضل بينكم ‘ - بقلم: وسام عمري

06-08-2022 07:25:36 اخر تحديث: 18-10-2022 08:05:51

لمن اراد الستر والسعادة ونضارة الوجه ، وان يكون منصفًا في معاملاته مع الناس، لا بد ان تكون ( لا تنسوا الفضل بينكم) دندنة في باله في كل احواله، وإطارًا أخلاقيًّا لا


وسام عمري - صورة شخصية

 يخرج منه أبدًا ، فهذا من سمو الاخلاق ، والادب مع الخلق… وسمة النُبلاء.
كما نعلم أنّ ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) هي كلمات قرآنية نزلت في خصوص المهر والعلاقات الزوجية ، ولكن الارشاد والموعظة والحكمة فيها لا تقتصر على العلاقة بين الزوجين بسبب نزولها بهذا الشأن ، فهي عامة وقانون لكل العلاقات .. ولكل الاتجاهات .. ولكل الناس!.
لا شك ان ضغوطات الحياة الماديّة الحديثة ومتطلباتها والتزاماتها تفقد العلاقات الانسانيّة قوتها وترابطها، لان الحياة في المجتمع الانساني تقوم على العلاقات الإنسانيّة بين الناس، منها العلاقات الإيجابيّة التي تجلب السعادة والهناء وهي قليلة هذه الايّام ومنها العلاقات السلبيّة التي تُسبّب الكثير من الصراعات والمشاكل والهموم.

هنا تقع مسؤولية الفرد العاقل، ويعلو شأنه! ان تكون علاقاته إيجابيّةً مع الآخرين بشكلٍ دائم ، والخروج من الضغوطات بشكل سلس من دون اثار نفسيّة وتقطيع للارحام، والحفاظ على اواصل الود مع الناس. لذلك ارى عنوان مقالنا هو عنوان واقع المرحلة، وعنوان المجتمع الآمن ، وعنوان يُكتب على رؤوس الاشهاد بمداد الذهب!
لا يُفهم مما ذُكر  اعلاه ان قصدي هو الانشغال برأي الناس او العمل على اعجابهم، فهذا لا طائل منه ! كما قال الامام الشافعي ( رضا الناس غاية لا تُدرك) لكن القصد ان الخلاف والاختلاف موجود في البشريّة ،وقد يكون صحيًّا ونوعًا من الثراء البشريّ! فلا تطابق تام بين اي شخصين حتى لو كانا توأميّن، ولكن هذا لا يعني على سبيل المثال: اذا حدث لك ضررٌ ما من جارِكَ أن تنسى حق الجار.
واذا انفصلت عن خطيبتك أن تذكرها بسوء.
اذا طلقت امرأتك أن تشوّه سمعتها.
اذا تخاصمت مع أخيك ان تنسى أنك لعبت معه وأكلت وشربت وحزنت وضحكت … ردحًا من العمر.
اذا تركت عملك من محلّ ما ، أن تنشر سلبياتهم وتفضح بضائعهم .
أو اذا اختلفت المرأةُ مع ( زوجها ، جارتها ، سلفِتها،  كنتها حماتها ..) أن تنسى المودة والرحمة والفضل والعِشرة والنسب في لمحة بصر!.
واذا ، واذا … ممّا نسمع ونرى!

فالقطيعة الى حد الفجور ونسيان المعروف والفضل لا تكون عند أكارم الناس ، ولا لابسط الاسباب! فهذا اذا دلّ على شيء يدل على ضَعف شَخصِيَّة وَقِلَّة مُرُوءَة وَتَعَلُّق بِسفاسف الامور ،وَغَفلَة وانانيّة مقيتة، وانسياق وراء الاهواء والشهوات … اما العاقِل صاحب المروءة والخلق حاله عكس ذلك فهو يخشى ربّه وعَاقبةَ ذَنبِهِ، وَيَعلَم انّهُ لا ينبغي أَن يَخرُج عن الحَقِّ ، وَيَتَجاوز قَدر الامكان عن المشاحنات ومسبباتها حَتَّى يصبر على الاساءة من الناس بالحكمة وحُسن الخلق!.
حان الاوان لتغيير بعض السلوكيات الظاهرة التي اعتدنا عليها او ورثناها ممن سبقونا! والتي تخر بالمجتمع منها: عدم الصبر وضيق الصدر ، عدم الوضوح والتعبير عن المشاعر، سرعة الغضب ورفع الايادي، عدم تقديم الأعذار ، عدم احترام الآخر وعدم الانصات والاستماع له ! فتجدنا نتهم الاخر قبل ان نسمع له، وان لا ينقطع حبل الثّقة مع الاخر، لأن الثقة تعتبر مفتاحًا أساسيًّا لنجاح العلاقات الإنسانيّة ، وألّا تسمح للشك بأن يُسيطر عليك . التخلي عن الانانيّة المدمّرة ، وأن تسعى لغرس مبدأ العطاء، فالعطاء يُساهم في غرس المحبة والاحترام المتبادل بين البشر. عدم المبالغة في توجيه النصائح للناس ولا تشير إلى أخطائهم بشكلٍ دائم، لكي لا ينقطع حبل الود ، فالبشر من بشريّتهم انهم يقعون في الأخطاء. الابتعاد عن النفاق الاجتماعي المقيت الذي يلعب دوراً مهماً في فشل العلاقات مع الاخرين وعائقًا في استمرارها ، والابتعاد عن التصنع والتلوّن في علاقاتك مع الآخرين، وأن تتصرف بشكلٍ طبيعي معهم، والمحافظة على الامر بالمعروف بالمعروف ، ونهيّ عن المنكر بالمعروف أيضا.

يواجه الانسانُ الواقع العنيف وضنك الحياة الذي فُرض عليه تحت وطأة المادية في هذه الايام ، وهذا يُثقل على عاتقه كثيرًا ويؤدي الى الشعور بالاكتئاب والحزن والضغط النفسي!  لذلك الكثيرون يهربون إلى عالمهم الآخر الذي رسموه في مخيّلتهم ليستطيعوا الاستمرار في الحياة، وهي ما تسمى "أحلام اليقظة " التي اكثر ما تنتشر عند الشعوب الضعيفة الكادحة وفي الفترة التي تشهد اضطرابات نفسية، وجسدية وعقلية عند الانسان !. انا لستُ ضد أحلام اليقظة التي تكون مفيدة ومحفّزة بغية النجاح في الحياة العلمية والعملية والتي من خلالها يتم ترتيب الأفكار، واتخاذ الخطوات لتحقيق الهدف الذي يحلم به الشخص، ولكن المشكلة بالأشخاص الذين لا يتعلمون ولا يعملون ولا يحلمون… فلا يحققون شيئاً ! وبالتالي تتحوّل حياتهم إلى حالة مرضيّة، وأوهام ليست لها حدودًا وقيود!.