الكاتب اسعد عبدالله عبدعلي - صورة شخصية
حيث يتحدث عن اعلان وزارة الصحة العراقية: "تسجيل رقم مخيف من المتعاطين للمخدرات وهو (1462) حالة", ويتطرق الخبر الى ان الحالات غير المسجلة تصل الى اضعاف هذا الرقم, وهذا الرقم المسجل كان يشمل كل العراق, وقد كان على الدولة في وقتها ان تضع خطة لصد هذا الهجوم الخطير لقوى الشر, قبل ان يستفحل الامر ويصبح واقع يصعب القضاء عليه.
وتابع التقرير المنشور عام 2010 ان المدمنون يتعاطون ادوية مثل الارتين والفاليوم والتي تعالج الامراض النفسية والاعصاب, والتي يحتاج صرفها لوصف طبيب, والا عد مستخدمها من دون وصفة طبيب الى انه متعاطي مخدرات, لذلك كان على الدولة ومن عام 2010 احكم قبضتها على استيراد الادوية, والمراقبة بدقة على الصيدليات والعاملين في سوق الادوية, مع نشر كاميرات مراقبة قرب الصيدليات والمذاخر, بالاضافة لحملات تفتيش دورية ومفاجئة, كي يمكن السيطرة تماما على نار المخدرات, قبل ان تصبح حالة واسعة يفعلها يوميا مئات الالاف.
المتعاطون بين عامي 2010 - 2022
التقرير يتحدث عن 468 متعاطي فقط في بغداد اي كان عدد قليل جدا, لكن يبدو ان السلطات كانت غير مهتمة, او غير مدركة لحجم الخطر الذي يمكن ان تمثله المخدرات, واليوم في عام 2022 حيث نشر خبر سكاي نيوز عربية خبرا عن وصول عدد تجار ومروجي المخدرات فقط في بغداد الى احد عشر الف شخص, فتخيل معي عدد المتعاطين في بغداد! اكيد سيكون رقماً مخيفاً, فانظر لحجم التوسع المخيف بسبب تهاون الدولة مع بداية حريق المخدرات!
وكــانت تقـاريـر دوليـة قـد صـدرت عام 2010 عن مكتـب مكافحة المخـدرات في الامم المتحدة أشـارت إلـى تحـول العـراق إلـى مـحطـة تـرانـزيـت لتهــريب المخــدرات نحـو دول الخليج، كما حـذرت من احتمال تحوله إلى بلد مستهلك.
لكن السلطات العراقية المتعاقبة لم تهتم بهذه التحذيرات الاممية! واخذتها على جانب الهزل والنكتة, وتركت الامر يستفحل!
مؤشرات مخيفة جدا
مؤشر شديد الخطورة تم الاعلان عنها قبل اشهر, وبالتحديد مطلع شهر يونيو الماضي، أن:- نسبة الإدمان على المخدرات قد تصل إلى 50 في المئة وسط فئة الشباب، كما أن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المئة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة, في غضون ذلك تم الاعلان الجهات الرسمية أنه:- خلال سنة ونصف السنة، تمكنت الجهات الامنية من إلقاء القبض على أكثر من احد عشر الف من مروجي وتجار المخدرات, منهم خمسة آلاف متعاطي، وهذا مؤشر خطير.
ويمكن تحديد بعض عوائل انتشار المخدرات:
1- بسبب البطالة والفقر وانسداد الآفاق أمام فئة الشباب.
2- بسبب الشعور بالضياع, وانعدام المعنى من الوجود في الحياة.
3- التفكك الأسري.
4- الاكتئاب واليأس والوصول لحالة العجز.
كلها عوامل رئيسية تقف خلف تفاقم ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها في المجتمع العراقي".
علة انتشار المخدرات
يمكن تحديد علة انتشار المخدرات الى فشل السلطات العراقية الذريع في ادارة ملف خطر انتشار المخدرات، ففي حين تعرف السياسة بأنها فن إدارة شؤون الناس، لكن ما جرى في العراق هو أن الطبقة السياسية الحاكمة عزلت نفسها مكانيا ونفسيا عن المجتمع العراقي، لتعيش حياة مرفهة ومترفة وتركت الناس خارج برجها العاجي يكابدون الذل والهوان في ظل الفقر والغلاء، وغياب العدالة الاجتماعية وشيوع الفساد.
وكان العراق حتى عام 2003، بشكل عام بعيد جدا عن ظاهرة إدمان المخدرات والاتجار بها، بفعل القوانين العقابية الصارمة والرادعة، التي كانت معتمدة ضد المتعاطين والمتاجرين بها، والتي كانت تصل لعقوبة الإعدام, بالاضافة لعدم قدرة العراقي دفع ثمن المخدرات, لذلك كان فقر ممرا لعبور المخدرات لبلدان الشرق الاوسط, لكن تغلغل وحش المخدرات في المجتمع ليصل الان الى الذروة بسبب ضعف الاجراءات الرادعة.
في الختام:
ننتظر ثورة حكومية ضد تجار المخدرات, مهما كانت صلاتهم برجال السياسة, مع التركيز على المدارس والمعاهد والكليات, وتثقيف الجيل الناشئ ضد تعاطي المخدرات, وتوجيه الاعلام لحرب المخدرات, لانقاذ الاجيال الشابة من الوقوع في اسر هذا الغول الخطير.