د. عمر مصالحة - صورة شخصية
وفي المواقع التي يتجمهر فيها الناس مثل الملاعب الرياضية، والتظاهرات الاحتجاجية، عنف الشارع وعنف السير وعنف سائقي المركبات على اختلافها، الى درجة ان اصبحت شوارعنا ساحات للعنف وللموت.
في ليلة السبت نهاية من الأسبوع المنصرم، سافرت من مقطع الشارع الذي يوصل بير السكة بباقة الغربية، فكانت البداية في استعمال الضوء العالي للسيارة التي كانت من خلفي، وقد سافرت بسرعة تتلائم مع ظروف الشارع وفسحت له المجال وتخطاني، بعدها قطعتني سيارة من جهة اليمين كانت تسير بسرعة البرق وتلته سيارة أخرى بنفس السرعة، ظننت ان حرباً أو أمر تراجيدي قد حدث ففتحت الراديو على اللغة العبرية لاستمع اذا ما حدث أمر، فكانت " ريشت بيت " تبث الموسيقى الهادئة.
وصلت باقة الغربية بامان، وعادت الفوضى وسباق الموت من المقطع بين " بركائي " حتى مدخل ام الفحم، وعاد المشهد حين تخطاني سائق قبل مدخل بلدي دبورية في الخط الأبيض المتواصل، ولحقت به في الشارة الحمراء لمدخل دبورية.
عندما تحولت الشارة الى خضراء اتجه يساراً مع حركة فرامل وانا انتظر ان يقطع الشارة الضوئية، سرت من خلفه عن بعد وبحذر، وكان يترنح في الشارع شمالا ويمينا، وفي لمح البصر انطلق بسرعة لا تصدق.
السياقة ثقافة
لم ولن اقتنع ان السياقة ليست بثقافة واحترام السائق لنفسه وللآخرين، هي ثقافة اساسها احترام ملكية الآخرين بقدر احترامنا لملكيتنا، احترام خصوصية ومشاعر الآخرين. ليس من السهل والبساطة الكلام عن ثقافة السياقة في مجتمع تحصد فيه الطرقات آلاف الإصابات الخطيرة ومئات الضحايا سنويا، ولن يفيد ولا يجدي أن تقوم السلطات بحملات التوعية على اشكالها، ما دمنا نحن كمجتمع يدعي التطور والعلم، لكنه لا يكاد يحرك ساكناً، علينا الكف عن تحميل " القضاء والقدر " همومنا ومصائبنا.
ليس من المفيد ولا من المجدي أن تتناول وسائل الإعلام وحدها موضوع حوادث السير وسلوكيات السائقين الخطرة، المؤذية والمزعجة، بينما العائلة والمؤسسات التربوية والجمعيات لا تقدم التوجيه والتحذير الكافي لخطورة الأمر.
تصرف المؤسسات الحكومية ملايين الشواقل في تعبيد الطرقات والأرصفة ليستفيد المواطن راكبا وراجلا، فنرى بالمقابل الفوضى العارمة والمقلقة حيث يقوم أصحاب المركبات بمختلف أنواعها وأصنافها ليل نهار بالتعدي على خصوصيات الآخرين، خاصة في بلداتنا العربية. نرى الأمور التي لا تصدقها العين: أمراة تقود السيارة حاملة في حضنها اولادها. نرى كل يوم الأولاد يسافرون مع الأهل خارجين أجسامهم من شبابيك السيارة امام أعين الأهل، نرى الشباب يوقفون سياراتهم مغلقين الشارع للتداول والتشاور بأمور الساعة، والويل لمن يوجه النقد لهؤلاء الشباب، ترى بعضهم يجرى السباقات في شوارع بلداتنا التي لا تكاد تتسع للمارة، ناهيكم عن صوت الموسيقى الصاخب- المزعج.
قوانين المرور لا تحترم ولا تطبق إلا أمام أعين رجال الأمن، فترى بعضهم يشترى الأكل والمشروبات في البلدة اليهودية ويرمونها من نوافذ مركباتهم في مداخل قرانا العربية.
أما المشاة فحدّث ولا حرج، كيف تفسرون تصرفات طلاب المدارس الذين يتركون الأرصفة ويمشون في وسط الطريق المعبدة التي أعدت خصيصا للسيارات، في العديد من القرى والمدن العربية يضعون الكرسي امام محالهم، والويل لمن يلمس ويقترب من الكرسي، أما الأرصفة داخل المدينة فأغلبها محجوزة إلى إشعار آخر.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected] .