رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي - (Photo by ANWAR AMRO/AFP via Getty Images)
الاقتصادية والمالية في البلاد.
وفي كلمة ألقاها في القصر الرئاسي في بعبدا عقب تكليفه بتشكيل حكومة جديدة دعا ميقاتي البرلمان إلى إقرار اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع وقت ممكن، قائلا إنه الفرصة الوحيدة لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي.
وقال الملياردير الذي يواجه طريقا صعبة لتشكيل حكومته الرابعة إن لبنان ليس لديه "ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب" التي تقدمها الأطراف المتنافسة على المناصب الوزارية.
وأضاف "لقد أصبحنا أمام تحدي الانهيار التام أو الانقاذ التدريجي انطلاقا من فرصة وحيدة باتت متاحة أمامنا في الوقت الحاضر"، في إشارة إلى الاتفاق مع صندوق النقد الذي يعد بدعم لبنان بثلاثة مليارات دولار شرط أن يشرع بتطبيق إصلاحات كثيرا ما أجلتها النخبة الحاكمة.
وقال ميقاتي "على مدى الأشهر الماضية دخلنا باب الانقاذ من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي،ووقعّنا الاتفاق الاولي الذي يشكل خارطة طريق للحل والتعافي، وهو قابل للتعديل والتحسين بقدر ما تتوافر معطيات التزام الكتل السياسية، وعبرها المؤسسات الدستورية، بالمسار الاصلاحي البنيوي".
وأدى الانهيار الاقتصادي المستمر منذ نحو ثلاث سنوات إلى فقدان الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها وزيادة الفقر وشل النظام المالي وتجميد أموال المودعين جراء أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وقال ميقاتي وهو مسلم سني وفق ما يقتضيه النظام الطائفي في لبنان "أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا.. ساعدوا أنفسكم لنساعدكم".
وحث ميقاتي البرلمان على إقرار القوانين التي أحالتها إليه الحكومة السابقة والتي من شأنها أن تمهد الطريق لاتفاق نهائي مع صندوق النقد بما في ذلك تعديلات على قواعد السرية المصرفية وضوابط رأس المال.
وحصل ميقاتي على دعم 54 نائبا من أصل 128 بمن فيهم نواب حزب الله الشيعي المدعوم من إيران، الأمر الذي يقوده إلى رئاسة الوزراء للمرة الرابعة عقب المشاورات التي أجراها الرئيس عون.
لكن مع وجود انقسامات عميقة بين النخبة الحاكمة في لبنان، فمن المعتقد على نطاق واسع بأن ميقاتي سيجد صعوبة في تشكيل حكومة، مما يتسبب في شلل سياسي قد يعيق الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي للإفراج عن المساعدات.
يتوقع محللون وسياسيون أن تزداد عملية تشكيل الحكومة تعقيدا بسبب الصراع الذي يلوح في الأفق بشأن من سيخلف عون، رئيس الدولة المسيحي الماروني المتحالف مع حزب الله، عندما تنتهي ولايته في 31 أكتوبر تشرين الأول.
وبدا البرلمان - الذي ينتخب الرئيس الجديد - منقسما بشدة عقب الانتخابات العامة التي أجريت الشهر الماضي، إذ فقد حزب الله وحلفاؤه أغلبيتهم وحقق الوافدون الجدد ذوو العقلية الإصلاحية مكاسب قوية وحصل حزب القوات اللبنانية المسيحي الموالي للسعودية على مقاعد.
ودعا العديد من النواب بمن فيهم كتلة حزب الله البرلمانية الى تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن.
وقال سامي الجميل رئيس حزب الكتائب المسيحي "نأمل ألا نقع في منطق عدم وجود حكومة قبل رئيس".
أضاف "لا أحد يستطيع الصمود لمدة أربعة أشهر أخرى في ضوء الوضع الذي نحن فيه".
وفي انعكاس للمشهد الجديد، حصل ميقاتي، الذي ينحدر من مدينة طرابلس الشمالية، على نحو 20 صوتا أقل مما حصل عليه عندما عُين رئيسا للوزراء في آخر مرة في سبتمبر أيلول.
وامتنع 46 نائبا عن تسمية أحد لهذا المنصب بينما رشح 25 نائبا نواف سلام السفير اللبناني السابق لدى الامم المتحدة والقاضي في محكمة العدل الدولية.
أبرمت حكومة ميقاتي مسودة صفقة تمويل من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أبريل نيسان، بشرط تنفيذ الإصلاحات التي تعرقلها الفصائل الحاكمة في لبنان منذ فترة طويلة.
ويُنظر إلى صفقة مع صندوق النقد على نطاق واسع على أنها سبيل لتخفيف الأزمة المالية، لكن الفصائل السياسية لا تزال منقسمة بشأن التفاصيل، ومنها ما يتعلق بكيفية تقاسم خسائر تقدر بنحو 70 مليار دولار في النظام المالي.