صورة للتوضيح فقط - تصوير: Rawpixel - istock
لتبقى عندنا حتى صباح اليوم التالي؛ لأن الوقت قد تأخر. وعندما أصرت على أن تذهب لبيت أبي، حلفت عليها بهذا، قلت: علي الطلاق بالثلاث لتنزلنَّ.
وكانت زوجتي بجوارها، ونزلت من السيارة، ولكنها ركبت سيارة أخرى وذهبت إلى بيت والدي.
أنا في حيرة من أمري هل كانت نيتي أن يقع الطلاق إن لم تأت لتبيت عندي بالمنزل، أم تنزل فقط معنا من السيارة. فهل يقع اليمين والطلاق أم لا؟
وهل توجد كفارة أم لا؟ وهل إن وقع الطلاق يقع ثلاثا؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أنّ المراعى في الأيمان نية الحالف بما تلفظ به، فإن لم تكن له نية؛ فالمرجع إلى السبب الذي حمله على اليمين. قال ابن عبد البر -رحمه الله-: والأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف. فإن لم تكن له نية نظر إلى بساط قصته ومن أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. انتهى. من الكافي في فقه أهل المدينة.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في عمدة الفقه: ... فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، فيقوم مقام نيته؛ لدلالته عليها. فإن عدم ذلك، حملت يمينه على ظاهر لفظه. انتهى.
وعليه؛ فما دمت غير متيقن من نيتك في يمينك؛ فالمرجع إلى سبب اليمين.
والذي فهمناه من سؤالك؛ أنّ سبب اليمين هو كونك تريد من أختك أن تبيت عندكم، ولا تريد لها أن ترجع إلى بيت أبيها في ذلك الوقت.
وعليه؛ فالظاهر لنا أنّك حنثت في يمينك برجوع أختك إلى بيت أبيها وعدم مبيتها عندك.
والمفتى به عندنا؛ أنّ حنثك في هذه اليمين يترتب عليه وقوع الطلاق الثلاث، وتحصل به البينونة الكبرى سواء كنت قصدت إيقاع الطلاق، أو قصدت التأكيد والتهديد ونحوه، وهذا قول أكثر أهل العلم.
لكن بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله. فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى: 11592
وما دام في المسألة تفصيل وخلاف بين أهل العلم؛ فنصيحتنا لك أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم في بلدك.
وننبهك إلى أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى. وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.
والله أعلم.