صورة توضيحية فقط : istock - juhide
من المعسكر اليساري عضو حركة ميرتس الصهيونية اليسارية غيداء زعبي ، إنما لتوليفتها الغريبة حيث يقودها حزب يمينا المتطرف والصغير مدعوم من حزب يوجد مستقبل الوسطي والأكبر من بين أحزاب الإئتلاف ، لكنه ٱثر التنازل عن رئاسة الحكومة لأصغر الأحزاب اليمينية لتمرير أهدافه والتي أبرزها الإطاحة برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو .
هذا التوافق يشارك فيه حزب ميرتس اليساري وحزب العمل الذي ظل يقود إسرائيل منذ قيامها حتى أواخر السبعينات حيث أطاح به زعيم الليكود مناحيم بيغن الذي إستعان باليهود العرب "من الأصول الشرقية" وأبرز الظلم الذي لحق بهم جراء سياسة حزب العمل والنظرة الفوقية لهم.
والملفت الإستثنائي هو دعم هكذا حكومة من حزب عربي ، والمفاجئ للرأي العام الإسرائيلي ان هذا الحزب يتبع للحركة الإسلامية التي أصطلح على تسميتها "الجنوبية" بعد الإنشقاق الذي حصل في الحركة الإسلامية في مناطق ٤٨ وأفرز شقين شمالي وجنوبي.
منذ تشكيل حكومة بنيت لابيد ، لم تتوقف جهود ومحاولات المعارضة بقيادة نتنياهو لإستمالة أعضاء منها للتخلي عنها ومساعدته في تشكيل حكومة بديلة بقيادته لقاء امتيازات للفار من حزبه والإنضمام ، وهذا ما حصل مع عضو حزب نفتالي بنيت عيديت سلمان التي لم تتحمل وجود عرب في الإئتلاف.
كما أن انسحابها جاء كخطوة إستباقية لشعورها باحتمالات وصول الحكومة الى نهاية طريقها مع قرب الإستحقاق الذي بموجبه سيتولى رئيس حزب يوجد مستقبل يائير لابيد نقيض المتدينين رئاسة الحكومة وتنفيذ اتفاقات أبرمت مع القائمة العربية الموحدة تتعلق تحديداً باعتراف الحكومة بعددٍ من القرى العربية في النقب ، الأمر الذي يتنافى مع أيديولوجيات حزبها الداعي لتكثيف الإستيطان في النقب والحد مما يسمونه غزو العرب لتلك المنطقة الشاسعة.
وفي أجواء مشابهة في الجوهر لكنها مختلفة في المضمون حذت حذو سلمان عضو الكنيست من حركة ميرتس اليسارية غيداء زعبي التي أعلنت انسحابها من الإئتلاف بدعوى ممارسات حكومتها العنصرية ضد العرب والقدس .
زعبي التي سبق وتم تعيينها في منصبٍ دبلوماسي كقنصل عام لدولة اسرائيل في جمهورية الصين الشعبية ، هذا التعيين لاقى معارضة شديدة من معظم الأحزاب اليمينية ولم يرى النور بعد.
إدراك زعبي أنها لن تحصل على هذا المنصب وخوفها من عدم إدراجها كمرشحة عن ميرتس في الإنتخابات القادمة وفي محاولة شبه معدومة لضمها للقائمة المشتركة ، قد تكون أسباب دفعتها الى اتخاذ قرارها المفاجئ الذي إذا ما أصرت عليه سينهي هذه الحكومة ويقضي على أحلام لابيد بتولي رئاسة الحكومة في المرحلة القادمة ، وربما يعتبر هدية على طبق من ذهب تقدمه لنتنياهو ، وبهذا تكون زعبي ساهمت في تشكيل حكومة يمين ثانية أشد ضراوة في إسرائيل ، ومع دنو استلام المركز واليسار للحكم ربما تمنح الفرصة لنتنياهو ليشكل الحكومة .
هذا التصرف الذي قد يكون غباء سياسي أو مراهقة سياسية أو نهج عربي دأبت عليه كل الأحزاب وهو الإهتمام بالذات وتسليط الضوء عليه قبل قضايا الناس وهمومهم.
لكن زعبي ستستشهد بالطبع بمن سبقها من العرب في السياسة الإسرائيلية ، حيث تسعى المشتركة الٱن للإطاحة بحكومة بنيت بعد أيام من حمايتها ، تخبط لا تفسير له سوى ما عرجنا عليه وهو حماية الذات الحزبية بالأساس ، المشتركة ومن ضمنها الموحدة تركزت دعايتها الإنتخابية على الإطاحة بنتنياهو قبل الحديث عن قضايا الجماهير العربية في إسرائيل ، ها هي اليوم الى جانب زعبي تتوج نتنياهو رئيساً للحكومة.
واذا ما تم ذلك فسيكون الخاسر الأكبر هو حزب الإسلامية الشريك في الإئتلاف والذي يدعي أنه قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهم إنجاز لعرب النقب ، وبالطبع سيحمل مسؤولية فشل ذلك للمشتركة وزعبي ، وربما يكثر اللغط عشية انتخابات قادمة محتملة بأن زعبي تعاونت مع اليمين ضد شعبها.
الموحدة بقيادة منصور عباس دفعت ثمناً كبيرا بتخليها عن نهج العرب في إسرائيل ودعم حكومة يقودها يميني متطرف أملاً في إحداث تغيير تاريخي وتحصيل بعض الحقوق للأقلية العربية ، ووفق مقولة أهل الشام "طلع من المولد بلا حمص".
على أي حال وقراءة بين السطور نميل الى أن زعبي ستحصل على تعويض مرضي وستعزف عن فكرة الإنسحاب وإسقاط الحكومة ، والأسباب للتراجع كثيرة .