المرحوم الشيخ عمر حاج يحيى
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر
وليس لعين لم يفض ماؤها عذر
توفيت الآمال بعد أبي فخري
وأصبح في شُغلٍ عن السفرِ السفرُ
عندما يبلغ الأمر من السمعة الحسنة ما يجعله رمزاً لها ، ويصبح اسمه مقروناً بها ، تقف الكلمات واجمة حياله ، وتضيق العبارات على سعتها لوصف عظيم أخلاقه…كذا أنت يا أبا فخري …
رحلت عنا ، ولا يزال وقع نبأ وفاتك مدوياً ، عَجِبت لسماعه الآذان وذرفت له بالدمع العيون ، وخشعت منه لشدته القلوب ، فأنت الراحل الكريم ، من شهِدَ لك الجميع بحسن السلوك ودماثة الخلق …
قبل دخول وقت كل صلاة ، تأخذ طريقك نحو المسجد لتؤدي الصلاة في جماعة ، بخطى ملائكية ، تقرأ السلام على من يلقاك بكل جوارحك ، فتصدر منك التحية أخويةً حقيقيًة صادقةً ، مع الابتسامة التي لا تكاد تفارق محياك في كل لقاء …
وفي المسجد ، الوقوف الوادع والحضور الخاشع بين يدي الله… والأناة والرفق في الحديث مع الناس إلا في قول كلمة الحق ، فإن له من اسمه نصيب - عمر - لا يتهاون بها ولا يساوم عليها.
عشت حياتك يا ابا فخري جاداً مجداً ومجتهداً درّست فكنت من صفوة المعلمين ، واخترت القرآن وتعلقت به وقدمت دروس الوعظ والارشاد فأحسنت ، وكنت من خيار الدعاة موجهاً ومرشدا …
أذكر كل مرة التقيتك بها ، ما تنفك وأنت تسأل عن الأهل والأخوة والأقارب ، فلقد جمعتنا علاقة الأخوة والمصاهرة …
وعرف الناس فيما عرفوا عن أبي فخري ، حبه لدين الله وسنة نبيه ، والذود عنه ، وتعليمه للناس وتبسيطه في حلقات العلم … والرد على الأسئلة والتساؤلات … كما ووصف بالصدق والأمانة ولين الجانب وحسن التعامل …
لقد فُجعت البلدة بوفاة أبي فخري ، وأثنى كل أهلها عليه ، وذكروه بالخير ، عابدًا ، مصليًا ، صائمًا ، متصدقًا ، حاجًا ، داعيًا إلى الله ، خلوقًا ، محبًا ، أخًا لمن قصده ، وأبًا لمن استشاره… فالذكر للإنسان عمرٌ ثاني …
ودعناك ونعلم كبر المصاب ، ونشهد أنك من أهل الخير والبر والأحسان ، عشت في دنياك لآخرتك ،
وتجسد في عيشك أنك عابر سبيل ، فعملت من أجل الموقف العظيم بين يدي الله ، وهو ما نسأل الله أن يكون لك ، وأبقيت بعدك سيرة يفتخر بها ،
ويُتعب من أجل تحقيق نظيرها … وكأن أمير الشعر
يقصدك بقوله :
وخذ لك زادين : من سيرة
ومن عمل صالح يُدخر
وكن في الحياة عفيف الخُطى
شريف السماع ، كريم النظر
وكن رجلًا إن أتوا بعده
يقولون ؛ مر وهذا الأثر
وأخيرًا ؛ وإذ نعزي أهلك ، فإنا نعزي أنفسنا ، فلقد علمتنا أننا أسرة واحدة ، سائلين الله أن يرحمك
ويغفر لك ، وان يجعلك " مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين وَالصديقين والشهداء والصالحين وحسُن اولئك رفيقا " … اللهم آمين وآخر دعواهم فيها أن الحمد لله رب العالمين .