إياد شيخ أحمد - تصوير: موقع بانيت وصحيفة بانوراما
سلبيّة هامّة في الاقتصاد العالميّ.
لكن خلافًا للحرب التي تجري على الأرض، فإنّ الحرب الاقتصاديّة تدور بين الدول العظمى: روسيا من جهة، وأوروبا والولايات المتّحدة الأمريكيّة من الناحية الأخرى.
يحتاج النموّ والازدهار الاقتصاديّ إلى الاستقرار السياسيّ، وتتيح العلاقات الدوليّة الطبيعيّة إزالة العقبات والحصص التي تؤدّي في العادة إلى تخفيض أسعار السلع وإلى توسيع نطاق التجارة الدوليّة.
في المقابل، تؤدّي الحروب إلى نتيجة عكسيّة عندما تُفضي إلى قطع سلسلة التجارة بين الدول، وتتسبّب في تقليص التعاون وإلغاء الاستثمارات الأجنبيّة.
" ثمن اقتصادي "
اندلعت شرارة الحرب بين روسيا وأوكرانيا بعد فترة صعبة من تفشّي الوباء العالميّ والإغلاق، ونقص في بعض المنتجات وارتفاع أسعار وحدات الإنتاج.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك الارتفاع الحادّ في نسبة التضخّم في الولايات المتّحدة عشيّة الخروج من أزمة كورونا، عندما ارتفع مؤشّر الأسعار للمستهلك لشهر كانون الأوّل بـ 7%. وهكذا، عندما اعتقدنا أنّ العالَم سيعود عمّا قريب إلى النشاط الاقتصاديّ العادي، وتعود الحياة الطبيعيّة إلى سابق عهدها كما كانت عليه الحال قبل أزمة كورونا، اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا وأنهت التفاؤل بشأن فترة اقتصاديّة أفضل. الحرب بين هاتين الدولتين يمكن أن تؤثّر بشكل كبير في قطاعات كثيرة في الصناعة والاقتصاد. وذلك بشكل خاصّ بسبب حقيقة أنّ الأمر يتعلّق بدولتين تصدّران للعالم النفط والقمح، وقد طرأ في أعقاب الحرب ارتفاع في أسعار الطاقة والغذاء، عندما تجاوزت أسعار النفط عتبة الـ 100 دولار للبرميل الواحد، وارتفعت أسعار القمح بنحو 20%. علاوة على ذلك، فإنّ روسيا وأوكرانيا تعتبران سوقًا ضخمة للبضائع التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات واليورو، وبناءً على ذلك، فإنّ استمرار الحرب سيكون له ثمن اقتصاديّ سيضر بشدّة بالاقتصاد العالميّ.
" ارتفاع حاد بالأسعار "
وحتّى عندنا في البلاد، طرأ في نهاية عام 2021 ارتفاع حادّ في أسعار البضائع، كما طُرحت مسألة غلاء المعيشة على بساط البحث في الخطاب العامّ. ونتيجة لذلك، شرعت الحكومة في خطط للتخفيف من الأعباء الاقتصاديّة. إلّا أنّ الحرب المتواصلة يمكن أن تُفاقم مسألة غلاء المعيشة والتسبّب في ارتفاع حادّ في أسعار الكثير من المنتجات، وكذلك التسبّب في نقص في القمح و/ أو إلى ارتفاع كبير آخر في سعره (تُعتبر أوكرانيا ثالث أكبر مصدّر للذرة ورابع أكبر مصدّر للقمح، وتُعتبر روسيا الدولة الرائدة في تصدير القمح على مستوى العالم، وهي مسؤولة عن توفير نحو %35 من الغاز الطبيعيّ لأوروبا).
قضت الحرب التي تستعر بين روسيا وأوكرانيا على التوقّعات المتفائلة للنموّ والازدهار الاقتصاديّ عشيّة الخروج من أزمة كورونا، ولسوء الحظ، فإلى جانب إلحاق الضرر بالاقتصاد العالميّ، فإنّ المواطنين الأبرياء من كلا الجانبين هم بالأساس من يدفعون الثمن الباهظ.
* كاتب المقال : مدقّق حسابات، الكليّة الأكاديميّة سبير وجامعة بن غوريون في النقب.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected] .
(Photo by ARIS MESSINIS/AFP via Getty Images)
(Photo by ARIS MESSINIS/AFP via Getty Images)
(Photo by Anastasia Vlasova/Getty Images)