الصورة للتوضيح فقط - تصوير simpson33 iStock
نشوة لا تقاوم أو تضاهى.
أوكرانيا دولة سيئة، وكذلك روسيا، لماذا أهتم بالحرب بينهما؟ عندنا ما يتخمنا من مرض الحرب والاحتلال، الجنود المدججون بالحقد لم يتركوا لي مساحة إضافية للحديث عن الحرب.
جرّبت اللغات فينا كل شيء، ولدتنا الحروب، ومنحتنا الموت والتشريد وجيشا كبيرا من الأسرى، وهدم المنازل والاستيلاء عليها، وقلع الأشجار، وإغلاق المدارس، واصطيادنا كالعصافير على فوهات البنادق.
لم تضف الحرب إلى قاموسنا أي لفظ جديد، هذه الحرب- كأية حرب- عقيمة بلا شك، في السرد لا شيء فيها مدهش أو ضروري، المشاهد كلها نعرفها منذ سبعين سنة أو أكثر قليلاً؛ اللاجئون والأطفال، ومراكز الإيواء، والإعانات، وحواجز الجنود، والتدقيق الدقيق في الأوراق، والوقت المسروق على الطرقات، كلها نعرفها أكثر من أوكرانيا.
هذه الحرب خدعة، لعبة النظام العالمي، صراع وثني بين آلهة تعبر التاريخ على جثث الأنبياء وتريد احتلال الأولمب لتكون زيوس العالم النووي. لا شيء لديّ هنا في فلسطين ما يدعوني لأقلق أو أهتمّ بالأخبار.
إذا اتفق الفريقان وعاد اللاجئون إلى ديارهم والدول الكبرى أعادت بناء أوكرانيا وتبادلوا الأسرى سيظل وطني تحت الاحتلال وأسرى الجنون الصهيوني لن تغادر منفاها في صحراء النقب، وغزة محاصرة ومهدّمة، والعصابات القاتلة ستظل تستولي على عمري، لتنهيه في أية لحظة في أبسط سبب يدعو الجنود الحاقدين للدفاع عن أنفسهم خوفا من فراشة عبرت دون إذن جنودهم المسيطرين على الهواء. وأشد من ذلك ستبقى روسيا تدعم الاحتلال في القدس وفي دمشق وتتقاسم مع أمريكا نفط العالم. وسيظل النظام الأوكراني منحازا إلى قاتلينا بكل وقاحة.
لا شيء يربطني إذاً بأخبار الحرب، اعتدت أن أنفيها من لغتي، ومن كتبي، لا أريدها أن تشاركني تاريخي الشخصي في الكتب أكثر مما كتبتُ، أقاومها بالحديث عن الحب، عن شهوتي لامرأة تركتني أو لامرأة ترنو إليّ لتنام معي، لا لتنسى الحرب بل لتُشيع مني شهوتها المحتدمة، هذه بالفعل قضيتي لأنسى الحرب وأهزمها لكي لا تدمر ما تبقى من خيالي المخصّب بالخيال.
لأجل ذلك كله كان من الأولى لشاعر يعمل محررا أن يهتم بالحب، وبشعر الحب، لعله يساهم بزحزحة الحرب قليلا عن مشهد القراء في موقعه الإلكتروني الضخم ويسوّق للحب كي لا تصغر فينا شهوة الحياة القادمة.
الحب أولى من الحرب في كل شيء حتى في اللغة.