logo

مقال : بين بلفور والسيلة الحارثية جرائم مستمرة

بقلم : منيب رشيد المصري
19-02-2022 07:11:34 اخر تحديث: 18-10-2022 08:39:45

ما حصل فجر يوم (14/02/2022) في بلدة السيلة الحارثية قضاء جنين، من مواجهات وصفتها الصحافة الإسرائيلية بأنها عنيفة جداً وغير مسبوقة، يؤكد بأن مقاومة


منيب رشيد المصري - صورة شخصية

الشعب الفلسطيني لا يمكن كسرها لأنها مقاومة شريفة نابعة من ايمان راسخ بأن "لا يفل الحديد إلا الحديد"، وأن كل ما يعتقد بأن الاحتلال يمكن أن ينتهي بالرجاء والدبلوماسية مخطئ، فالدماء التي سالت وتسيل على امتداد فلسطين التاريخية هي ثمن الوصول إلى حقوقنا المشروعة وفي مقدمتها حقنا في تقرير المصير.

نترحم على الشهداء، ونشد على أيادي القابضين على الجمر في الشيخ جراح في القدس، وفي جبل أبو صبيح في بلدة بيتنا، وفي الأغوار، وفي كل الأرض المحتلة على امتداد أرض فلسطين التاريخية، ونقول لدولة الاحتلال بأنه طالما هناك فلسطيني واحد على قيد الحياة سيبقى يقاتل ليس من أجل القتل وإنما من اجل العيش بكرامة وأمان في دولته، ليس هدفنا القتل وفي ذات الوقت لا نريد أن نكون ضحايا لدولة أقل ما وصفت به من طرف إحدى أهم مؤسسة حقوقية (أمنيستي) بأنها دولة تمارس الفصل العنصري في كافة على الأرض والسكان وعلى امتداد فلسطين التاريخية، وأن جميع سياساتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية تتبع سياسة "الأبرتهايد"، فكيف لنا نحن الفلسطينيين أن نبقى صامتين تجاه كل ذلك؟.

من المعروف أن "الابرتهايد"، وبحسب القانون الدولي، تعتبر جريمة ضد الإنسانية، وهذا أمر يستدعي منا أن نبدأ وبشكل جدي باستثمار هذا باتجاه رفع دعاوى قانونية على دولة الاحتلال، فالجبهة القانونية ساحة جديدة من ساحات المواجهة مع هذا الاحتلال العنصري فبالإضافة إلى القيمة القانونية لها، فإن لها قيمة أخلاقية كبيرة يمكن لها أن تضع داعمي دولة الاحتلال أمام خيار محرج وصعب فإما تأييد سياسات الفصل العنصري، وإما اتباع ما تمليه الشرعة الدولية في رسم العلاقات بين دول وشعوب العالم التي من المفترض أن تقوم على أساس السلم والعدل والمساواة.
ليس هناك خيار أمام الحركة الصهيونية إلا الاعتراف بأن العالم يتغير وبشكل مضطرد وسريع، وأن إسقاط ايديولوجيتها العنصرية على شكل وطبيعة العلاقات بين الدول لم تعد سلعة رائجة في ظل اتجاه شعوب العالم بشكل عام نحو العيش في ظل أمن وسلام، وبخاصة بعد أن أثبتت جائحة كورونا بأن العالم عبارة عن قرية صغيرة تواجه نفس الأخطار، وأن ما تنفقه الحكومات للتسليح الحربي يمكن توجهه نحو محاربة الأوبئة وبناء عالم أكثر امناً يسوده التعاون من أجل راحة البشرية ورفاهيتها، وفي ظل ذلك لا يمكن للحركة الصهيونية وعلى المدى المتوسط والبعيد أن تستمر بإسقاط أفكارها العنصرية على العالم.

من هنا فإننا ندعو العقلاء من أتباع الديانة اليهودية إلى الفعل والتأثير في عدم إسقاط النظريات العنصرية على ديانتهم وعلى سياساتهم حتى نصل سوياً إلى عالم أكثر امناً يبدأ أساسا بإنهاء الاحتلال، والذهاب نحو دولة ديمقراطية علمانية واحدة تتسع لجميع مواطنيها بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية، وهذا ما ندعو إليه كأساس لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، بعد أن تأكد للجميع بأن حل الدولتين لم يعد قائماً في ظل وجود الاستيطان والمصادرة، ونحن نقول ما قالته حركة فتح العظيمة منذ عام 1968، بأننا نريد دولة ديمقراطية علمانية واحدة على أرض فلسطين كاملة، مع التأكيد على عودة اللاجئين وتعويضهم وفق القرار الأممي رقم 194.
وفي موضوع التعويض، وجبر الضرر الذي لحق بالشعب الفلسطيني لا بد من الحديث عن نوعين من التعويض من أجل تحقيق العدالة الكاملة لشعب لازال يخضع لاحتلال حربي عنصري منذ أكثر من قرن، فالتعويض يبدأ من مطالبة حكومة بريطانيا على تعويض من تضرر من احتلالها ثم انتدابها لفلسطين بما فيها التعويض عن الأضرار الناجمة عن إعلان بلفور في تشرين الثاني من العام 1917، وهذا ما نعمل عليه حيث أننا أخذنا قرار محكمة وطنية فلسطينية بإدانة هذا الإعلان، وحملنا هذا القرار القضائي إلى المحاكم البريطانية فنحن بصدد رفع دعوى قضائية أمام المحاكم البريطانية ذات الاختصاص.

أما الشق المتعلق بالجرائم المستمرة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل العام 1948، وأيضا منذ تأسيس "دولة إسرائيل" ولغاية الآن، فهي ايضاً جرائم موصوفة بالقانون ويجب ملاحقة دولة الاحتلال ومقاضاتها حتى تتحقق العدالة للشعب الفلسطيني، وحتى تقوم الدولة الديمقراطية الواحدة على أساس العدل والإنصاف والمساواة، ويتم محاكمة كل من ارتكب جرائم بحق الإنسانية تحت أي ذريعة كانت.
لا شك بأن ما قمت به قوات الاحتلال من جرائم في اليومين الماضيين هي حلقة في سلسلة جرائمها المستمرة، فعملية الاغتيال في نابلس لثلاثة مقاومين، وأيضا ما حصل في السيلة الحارثية من جرائم بحق المدنيين كلها رسائل لنا وللقيادة الفلسطينية بأن هناك من يعمل لتصغير إنجازات المجلس المركزي في دورته الأخيرة، لذلك علينا أن نتابع القرارات التي خرج بها الاجتماع حتى نؤكد للاحتلال باننا شعب واحد وليس هناك فرق بين مقاوم وقائد فكلنا نعمل من أجل فلسطين، ولذلك فإنني أعمل مع جميع عدد من الأخوة من أجل تشكيل لجنة متابعة للقرارات التي خرج بها المجلس المركزي حتى يتم ترجمتها على الأرض كإحدى الردود على الجرائم التي تقوم بها دولة الاحتلال.