صورة من إيهاب مقبل
حينها يختل ميزان العدالة وتُكرس الأفكار المُنحرفة في المجتمع.
كثر الحديث هذه الأيام على «قضية إختطاف» كثير من أطفال اللاجئين العرب والمسلمين في السويد من قِبل مصلحة الخدمات الاجتماعية المعروفة بإسم "السوسيال". ووصلت الأحداث إلى ذروتها بتظاهر مئات الأشخاص منهم فلسطينيون وعراقيون وسوريون ولبنانيون ومصريون ومغاربة أمام البرلمان السويدي في ستوكهولم مطالبين بإعادة أبنائهم المختطفين من قبل السوسيال السويدي. وعرضت قنوات تلفزيونية فضائية كقناة الجزيرة وقناة العربية وقناة سوريا وقناة أورينت وقناة تي آر تي والقناة التاسعة وغيرهم نماذج متنوعة من هذه القضايا. كما غطت الكثير من قنوات وسائل التواصل الإجتماعي نماذج عديدة من هذه القضايا كقناة شؤون إسلامية وقناة عبد الله الشريف وقناة صابر مشهور على اليوتوب.
وفي المقابل، اعتبرت الحكومة السويدية ما جاءَ في وسائل الإعلام العربي من تغطيات لمثل هذه القضايا بمثابة «هجمة إرهابية لإسلاميين متطرفين»، كما أتهمت القائمين على تغطيتها بأنهم ينشرون معلومات مضللة باللغة العربية بهدف تشوية صورة السويد في الخارج، وتقسيم المجتمع السويدي لإنشاء مجموعة مضادة داخل المجتمع السويدي.
والحقيقة أن قضية إختطاف الأطفال في السويد من قبل «الخدمات الإجتماعية السويدية والسياسيين الفاسدين الذين يقفون خلفها»، ليست حديثة العهد، وهي تستهدف جميع الأطفال بغض النظر عن دينهم أو عرقهم، في المرحلة العمرية من الصفر إلى 16 سنة، ولكن الشهية تكون أكبر للأطفال العرب والمسلمين كما سيأتي ذكره بالمصادر.
ففي الحادي والثلاثين من يوليو تموز عام 1983، نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية تقريرًا طويلًا بعنوان «أطفال جولاج في دولة الرفاهية السويدية» جاءَ في مقدمته أن «مصلحة الشؤون الإجتماعية السويدية تأخذ الأطفال بالقوة من الوالدين لترعاهم الدولة، وأن الدولة تتلقى خمسة أطفال يوميًا تحت رعايتها، وإنه على الرغم من إحتجاجات الآباء والمحامين إلا إن دولة الرفاهية السويدية تواصل هذه الممارسات».
وأضافت الصحيفة بالقول أن «السلطات الاجتماعية في السويد تتسارع إلى فصل الوالدين عن الأطفال من أجل مصلحة الطفل كما تزعم، وغالبًا ما يتم الاشتباه فقط في تعريض الطفل للخطر المزعوم - لكن هذا لا يثبط حماس موظفي مصلحة الشؤون الإجتماعية من الاستيلاء عليه».
وعرضت الصحيفة نموذجًا لأم سويدية لتسعة أطفال، وتدعى «آلان ليلجا» وزوجها «كارل ليلجا»، فقدوا أحد أطفالهم بعمر السنتين من «دار حضانة ريكسبيغاردنس» بحجة أن «طريقة حمل الأب لأبنه لم تكن مشعة بالدفء ولا الحنان». وعلقت الصحيفة على ذلك بالقول: «تعرضت هذه الأسرة لإعتداء واضح للغاية من قبل السلطات، وهو أمر لا يمكن تبريره بطريقة موضوعية، فما هو موجود في الملفات المتعلقة بالأب يمكن أن يكون ضد أي من الأباء الأخرين، وما يقال عن الطفل في هذه الملفات يمكن أن يقال عن أي طفل آخر! ولأن كارل نفسه كان يعمل في مصلحة الشؤون الإجتماعية لمدة تزيد عن ثمانية أعوام لغاية عام 1980، كان يعلم جيدًا بان الهروب من البلاد بإتجاه فنلندا ثم الولايات المتحدة يمكن أن يحمي طفله الصغير من الإستيلاء عليه من قبل الدولة».
وسردت الصحيفة كذلك حكاية «إنغيرد ماغريل»، 48 عامًا، وهي أم مطلقة ومعوقة بعد تعرضها لحادث سيارة. ففي صباح الثالث من مايو ايار عام 1979، طوق منزلها في ستوكهولم ستة من رجال الأمن يرتدون ملابس مدنية، ثم دخل عبر شرفة منزلها اثنين من موظفي مصلحة الخدمات الإجتماعية، وخطفوا أثنين من بناتها أمام عينيها، مما أدى إلى إصابتها بالشلل بسبب رعب المنظر. على أية حال، كان السبب تافهًا بشكل لا يصدق كما تقول الصحيفة: «نظرًا لأن زملاء بناتها في الفصل غالبًا ما كانوا يتحرشون بهن، فقد اشتكت الأم أولًا إلى مدير المدرسة ثم إلى مكتب الخدمات الإجتماعية. ولأن مدير المدرسة شعرَ بالإهانة من شكوى الأم، فعملَ على تقديم شكوى مضادة إلى مكتب الخدمات الإجتماعية يزعم فيه أن الفتيات أنفسهن أفتعلن قضية التحرش لأنهن دائمًا يرفضن المجيء للمدرسة». وبعد ذلك أصدرت المحكمة حُكما قضائيًا يزعم فيه أن «الأم إنغيرد تعاني من جنون العظمة»، مما يعني إنها غير صالحة لتربية أبنتيها!
وتقول الصحيفة أن «تدابير الرعاية الإجتماعية القسرية، مثلما حدث مع عائلتي ليلجا وماغريل من فصل الأطفال عن والديهم بطريقة وحشية، هي ليست حالات معزولة ولا متطرفة في السويد، فلا يوجد مكانًا في الغرب تكون فيه دولة الرفاهية شاملة كما في هذا البلد، والذي لا يتوانى للحظة عن توجيه إدانات لإنتهاكات حقوق الإنسان في أجزاء أخرى من العالم! السلطات السويدية تسيء للأطفال بالعنف الجسدي والتعذيب النفسي، السلطات السويدية تمزق الأطفال من منازل والديهم بشكل عشوائي كما تقول مستشارة المحكمة العليا في ستوكهولم بريتا سوندبرج للصحيفة».
وتشير الصحيفة إلى ان الأطفال بعدما يتم إختطافهم من والديهم غالبًا ما يتجهون نحو الدعارة وشرب الخمور وإدمان المخدرات، بينما تبدو التبريرات الرسمية لفقدان الوالدين الحضانة على أبنائهم مثل الزعم أن «الطفل مهدد بالإساءة والإهمال في منزل الوالدين» أو «أن الوالدين غير مناسبين أو غير قادرين على تربية أبنائهم».
وتضيف الصحيفة بالقول: «ولكن قبل كل شيء: في حالات قليلة جدًا في السويد، تمكن الخبراء أو المحامون أو الأطباء من إيقاف الهيمنة المطلقة لمكاتب الرعاية الاجتماعية، فبمجرد اتخاذ قرار بإنتزاع الطفل عن والديه، فإنه عادة ما تستمر القضية لفترة طويلة، بغض النظر عن الأسباب السخيفة التي يُستند إليها في بعض الأحيان».
وتقول الصحيفة: «في عام 1981، كان يعيش ما يقارب من 22 الف طفل في «الرفاهية العامة» في السويد، وهو ما يزيد عشر مرات عن مثيله في الجمهورية الفيدرالية، منهم 12378 طفلًا تم نقلهم للحضانة القسرية التابعة للدولة من قبل المحاكم ومصلحة الخدمات الإجتماعية. هذا أمر غريب بشكل خاص، مقارنة بدول الجوار التي لديها قيم ومؤسسات اجتماعية متشابهة جدًا! ففي نفس العام 1981، كانَ 710 طفل تحت الرعاية العامة في الدنمارك، و 552 طفل في فنلندا و 163 طفل في النرويج. يجد السياسيون الاجتماعيون ومسؤولو الوزارة صعوبة في تفسير سبب وجود هذا العدد الكبير من الأطفال في رعاية الدولة بشكل غير متناسب إلى دولة كالسويد».
ووجهت الصحيفة تساؤلات وأجوبة: «هل يهمل الآباء السويديون أطفالهم أكثر من الآباء في البلدان الأخرى؟ هل يتعرض الأطفال في السويد للضرب في كثير من الأحيان، هل هم سيئون في تربية أبنائهم؟ ينفي هيسل مثل هذه الأسئلة ويرى السبب أن السويد دولة إستبدادية، إذ إن المؤسسة الاجتماعية السويدية تقلل إلى حد كبير من قدرة الآباء على تربية أطفالهم. هل تراقب السويد حقوق الأطفال ورفاهيتهم بشكل أفضل من الدول الأخرى؟ يتناقض هذا مع الإخفاقات العديدة التي تتحمل مسؤوليتها مكاتب الرعاية الاجتماعية شبه القوية».
وتشير الصحيفة إلى «أن قانون رعاية الطفل الساري من عام 1960 حتى نهاية عام 1982 أعطى مكاتب الرعاية الاجتماعية مجموعة واسعة من السلطة التقديرية. يمكن فصل الطفل عن والديه بقرار من مصلحة الشؤون الاجتماعية إذا تعرض في المنزل لسوء المعاملة أو إذا تعرض لمعاملة بطريقة تهدد صحته الجسدية أو العقلية أو تعرض نموه للخطر بسبب عدم لياقته البدنية أو عدم قدرة الوالدين على الإهتمام به. القانون الذي دخل حيز التنفيذ منذ عام 1982، ينطوي على انتهاكات إدارية مأساوية (مع الأميرة كريستينا أميرة السويد) لأنه الآن أصبح بمقدور مكاتب الرعاية الاجتماعية أن تنتزع الطفل عن والديه إذا لم يتم الوفاء بواجب الرعاية بشكل كاف أو أي ظروف أخرى في المنزل تعرض صحته أو نموه للخطر. تمنح السلطة التقديرية الموظفين في مصلحة الشؤون الإجتماعية قوة هائلة وخطيرة للغاية يمكن جزئيًا حرمان الأطفال المعرضين حقًا لخطر في المنزل من الحماية المناسبة، ويمكن فصل الأطفال جزئيًا من مكان مناسب لهم، كما يمكن إنتزاع الأطفال من منزل الوالدين لأن الوالدين ينتميان إلى أقلية دينية أو لديهما اهتمامات ثقافية أو فكرية مختلفة كما تقول القاضية ويتمان سوندبيرغ للصحيفة».
وبحسب تجارب المعالج الأسري سفين هيسل، فإن مكاتب الخدمات الإجتماعية تحرم أربع مجموعات على وجه التحديد من أطفالهم: المجموعة الأولى، وهي الأمهات العازبات أو المطلقات اللاتي يطلبن المشورة او المساعدة من الخدمات الإجتماعية. المجموعة الثانية، وهي الأجداد الذين يرغبون في رعاية أطفالهم في حالة وفاة والديهم أو إعاقتهم أو مرضهم مع وجود مبرر نمطي بأنهم كبار في السن. المجموعة الثالثة، وهي الآباء ذوي السلوك الغريب الأطوار أو العنيد. المجموعة الرابعة، وهي العائلات التي يكون فيها كلا الوالدين أو أحدهما من أصول أجنبية. الآباء من أصول أجنبية معرضون بشكل خاص لخطر كبير أن يتم إختطاف أطفالهم من قبل مكتب الخدمات الاجتماعية. وجد الباحث هيسل أن 46 بالمائة من جميع الأطفال المودعين تحت رعاية الدولة في ستوكهولم لديهم "آباء مهاجرون" بحسب الصحيفة.
وتصف الصحيفة موظفي مكاتب الخدمات الإجتماعية بـ«اللصوص الإجتماعين». وتقول: «كان من واجب المحاكم الإدارية في الماضي فقط إصدار قرار بشأن سحب الحضانة من الوالدين إذا أعترضا على ذلك، ولكن الآن على أية حال أصبحت المحاكم الإدارية ليست أجهزة مناسبة لتصحيح القرارات الخاطئة التي تتخذها مكاتب الخدمات الإجتماعية. المدير الوزاري لارس جرونوال، رئيس اللجنة الاجتماعية التي أنشأتها الحكومة لمراجعة قانون الخدمات الاجتماعية ورعاية الأطفال الجديد يقول بإنه هناك بالتأكيد قضاة أكفاء في المحاكم الإدارية، ولكن معظمهم خبراء ضرائب ولديهم خبرة قليلة في المشكلات الاجتماعية».
وتقول الصحيفة: «غالبًا ما تتصرف مكاتب الخدمات الاجتماعية بإهمال في اختيار دور الحضانة التي تمنحها الدولة للأطفال الذين يتم أخذهم من والديهم، حيث وضعت الطفل ميكائيل لافهولت، ذو السبعة الأعوام، في منزل رعاية تابع لأسرة أخرى في مدينة أوبسالا، ولكن جد الطفل اشتكى من أن الطفل أصبح في حالة يرثى لها عندهم، وبعد تفتيش المنزل الذي فيه الطفل تبين إنه كان متسخًا بشكل لا يصدق وغير مرتب، وكانت الحالة الصحية للمطبخ والحمام والمرحاض فوق النقد، وكانَ في المنزل كذلك علب بيرة ونبيذ وزجاجات شنابس ملقاة في كل مكان في المنزل. كان في هذا المنزل المُهمل حوالي 30 طفلاً تحت رعاية الدولة، بما في ذلك الأطفال المصابين بالصرع والمعوقين جسديًا. كان المنزل يدار من قبل أسرة مُدمنة على الخمور، ويكسبان رزقهما من هؤلاء الأطفال، وكانوا يكسبون نحو 1000 مارك ألماني شهريًا من كل طفل، وكانوا يتلقون هذه الأموال من مكتب الخدمات الإجتماعية في مدينة أوبسالا. قضية هذه الدار في أوبسالا ليست معزولة بتاتًا. يوجد 17 ألف طفل يعيشون بمثل ظروف معيشة ميكائيل لدى أسر بديلة».
وبحسب ميكائيل بوهمان، أستاذ الطب النفسي للأطفال والمراهقين في المستشفى الجامعي في مدينة أوميو، فإن فوائد "رعاية الوالدين بالتبني" كانت مشكوكًا فيها بشكل أساسي. وبعد المراقبة الطويلة لبوهمان لأطفال إنتزعوا من والديهم بعمر السنة الواحدة ووضعوا لدى أسر بديلة، وجد إنه بحلول سن الخامسة عشرة أصبح من الواضح بأن لديهم ضعف في التكيف الإجتماعي خلال سنوات النمو. كما وجد إنه بحلول السنة الثالثة والعشرين، كان لدى الأطفال بالتبني ضعف معدلات الجريمة وتعاطي الخمور مقارنة مع الأطفال الذين نشأوا لدى والديهم الحقيقيين.
وبحسب المحامي لينارت هان، الذي اكتسب خبرة ذات صلة في معركته الطويلة ضد «تأميم أطفالنا»، هناك سبب بسيط للحفاظ على مؤسسة الآباء بالتبني: «غالبًا ما يكون قبول الأطفال بالتبني عملاً مُربحًا للغاية. التعويضات الممنوحة لهؤلاء الآباء غير متناسبة بشكل صارخ مع الإعفاءات الضريبية وإعانات الأطفال والبدلات الأخرى للأسر التي لديها أطفال. تتراوح معدلات التعويض الشائعة بين 1000 و 2000 مارك الماني لكل طفل شهريًا، 70 بالمائة منها معفاة من الضرائب. ولذلك ، فإن العديد من الآباء بالتبني قدْ تركوا وظائفهم بدوام كامل منذ فترة طويلة لكي يعملوا في مجال تبني الأطفال». يمكن لهذه الاسر التي تتبنى الأطفال العيش بشكل مريح أكثر من العمل في مجال آخر. على سبيل المثال، يتلقى فان دير مير وزوجته في مدينة تيداهولم أكثر من 20 الف كرون سويدي لتبينهم أربعة اطفال، وهو ما أعتبره الأب بالتبني مبلغًا معقولًا كما تقول الصحيفة.
ولكن حتى «فان دير مير» مرعوب من طريقة عمل مكاتب الخدمات الاجتماعية في كثير من الأحيان عبر بيع الأطفال الذين يتم أخذهم بعيدًا عن والديهم بالمزاد. تقدم له بعض البلديات 600 كرونة للطفل الواحد في اليوم، ويقول عليك أن تكون شجاعًا لرفض عرض ربع مليون كرون سويدي سنويًا. وبمجرد أن يتم وضع الأطفال مع آبائهم بالتبني، يبدو أن سلطات الرعاية الاجتماعية تأخذ واجبها في الرعاية باستخفاف لدرجة أن المحامي هان صاغ العبارة السيئة «أطفال جولاج في دولة الرفاهية في السويد»، نسبةً إلى معسكرات اعتقال جولاج في الاتحاد السوفيتي آنذاك، والتي يتم فيها نقل الضحايا بشكل عشوائي بمجرد اختيارهم. اعترفت الخدمات الاجتماعية في ستوكهولم بأن بعض الأطفال يمرون عبر أكثر من 20 دور رعاية في حياتهم، وغالبًا ما تكون غير مناسبة على الإطلاق كما تقول الصحيفة.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا حدث بعدما نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية هذا التقرير الطويل المدعوم المصادر؟
حاول السويديون توبيخ الألمان الغربيين، وفي 8 نوفمبر تشرين الثاني 1983، دعت وزارة الخارجية السويدية ما مجموعه 150 صحفيًا أجنبيًا إلى اجتماع، وأتهمتهم بأنهم قدموا صورة مشوهة وغير صحيحة لـ «دولة الرفاهية في السويد». وبعد ذلك، تحول الاجتماع إلى فوضى، إذ إستنكر هؤلاء الصحفيون ضغوطات وزارة الخارجية السويدية عليهم، واتهموها بمحاولة السيطرة على تقاريرهم. كما لوحظ لاحقًا، محاولات متعمدة من قبل «مجموعات الضغط المحلية» لاستخدام الصحافة الدولية لأغراضها بهدف تلميع صورة «دولة الرفاهية في السويد» في الخارج.
طمست قضية «اختطاف الاطفال في السويد» لسنوات عديدة، حتى جاءَ السياسي السويدي أوفه سفيدين، ليوجه ضربته القاضية، بتأليفه كتابًا في عام 2013 يحمل عنوان: «الإتجار المربح بالبشر في البلديات». كان سفيدين، نائبًا في البرلمان السويدي عن حزب الوسط، ويحمل شهادة الماجستير في هندسة الطيران، وشهادة الدكتوراة في العلوم الإجتماعية من جامعة لينشوبينغ جنوب السويد، وعملَ سابقًا كمسؤول عن قسم توقعات الطاقة في شركة فولفو، والرئيس التنفيذي لمجموعة المصالح الإقتصادية الأوروبية، ورئيسًا للمكتب الدولي للسلام. عمل سفيدين كـ«مواطن شاهد» لتتبع مصداقية عمل مكاتب الخدمات الإجتماعية وهيئة الشرطة داخل المقاطعة التي ينتمي لها المجلس البلدي، وكان شاهدًا في ثلاثين حالة إختطاف أطفال من ذويهم في سبع بلديات سويدية لمدة 17 عامًا. جمعَ سفيدين العديد من الوثائق التي تدين الخدمات الإجتماعية وجهاز الشرطة والقضاة والمحاميين والأطباء، ثم دخلَ إلى البرلمان مطالبًا بمحاسبة مصلحة الخدمات الإجتماعية، فقام حزبه بطرده من البرلمان، فجمع أوراقه وغادرَ البرلمان بهدوء وكتب كتابه أعلاه باللغتين السويدية والإنجيلزية.
يقول سفيدين في الصفحة السابعة من كتابة: «بدعم من المحاكم الإدارية، تسمح مصلحة الخدمات الإجتماعية لخدمة النقل البوليسية بإختطاف الأطفال مباشرة من المدرسة، وبدون علم الوالدين، ويوضعون في منزل تحقيق أو منزل رعاية بعيدًا عن منزل الطفل.. ومع الضمير الواسع للوالدين بالتبني، ودون إذن الوالدين البيولوجيين، يمكن فيما بعد إستخدام الطفل المختطف كعامل غير مدفوع الأجر في مزرعة، أو يتم تبنيه بعيدًا، أو يتم بيعه لمدمني الجنس، أو لمشتهي الأطفال من الأثرياء، أو يتم إستخدامهم كأرانب تجارب في صناعة المستحضرات الصيدلانية. الأطفال التوائم هم أكثر جاذبية وربحية لهم».
ويشير سفيدين في الصفحة الثامنة من كتابه، إلى أن «عدد الأطفال المختطفين في السويد يبلغ نحو 28 ألف طفل كل عام، ويتم إختطافهم حسب قانون رعاية الأطفال المُسمى ال في يو».
ويقول أيضًا في كتابه إلى أن «البلديات تكسب نحو 40 ألف كرون سويدي شهريًا/ 4400 دولار شهريًا على إختطاف كل طفل، وتذهب عادةً معظم هذه الأموال إلى جيوب خاصة عبر منازل الرعاية المُسماة أتش في بي، والتي هي منازل مملوكة للقطاع الخاص أو مملوكة للبلديات أو تعمل بشكل تعاوني بإدارة عدة بلديات».
وبحسب سفيدين في الصفحة التاسعة من كتابه، فإن هذه الأموال تأتي للبلديات من الخزينة التي أساسها دافعي الضرائب، ولذلك هم يحاولون عرقلة إسترداد الوالدين البيولوجيين لأطفالهم لجني المزيد من المال.
ويقول أيضًا في كتابه: «المحاسبة الإبداعية تخفي غسيل الأموال الماكرة في الجيب الخاص.. رجل ُمثقل بالديون يكسب 90 ألف كرون سويدي شهريًا/ 9600 دولار شهريًا من خلال تبنيه خمسة أطفال».
وعرض سفيدين في كتابه نماذج عديدة لإختطاف الأطفال، منها نموذج لسيدة سويدية تُدعى سوزان، التي فقدت حضانة ثلاثة أبناء وابنة بموجب قانون ال في يو. يعني قانون «ال في يو» أن الدولة تساهم بمبلغ 50 ألف كرون سويدي شهريًا/ 5300 دولار شهريًا لكل حالة إختطاف طفل من والديه. وبذلك حققت بلدية هوربي جنوب السويد حيث تعيش أسرة سوزان أرباحًا إجمالية قدرها 2.4 مليون كرون سويدي/ 250 ألف دولار لمدة عام واحد على الأسرة التعيسة التي لديها أربعة أطفال. كانت تكلفة إيجار منزل أسرة سوزان هو عُشر المبلغ الذي تلقته البلدية. إنها تجارة مربحة جدًا، كما يقول سفيدين.
ويرى سفيدين أن السبب وراء إمكانية استمرار تجارة الأطفال في السويد هو أنها تجارة مربحة للبلديات، فهم يتلقون أموالًا من الخزينة العامة، والتي يعني أنه يتم استخدام أموال دافعي الضرائب. وزيادةً على ذلك، الأطفال أنفسهم لا يستطيعون توجيه الإنتقاد للبلدية، كما أن الاباء أنفسهم غالبًا ما يعانون من الصدمة ولا يجرؤون على توجيه الإنتقاد للبلدية.