logo

مقال | موجة الغلاء الكاسحة – عودة 10 سنوات الى الوراء

بقلم: إياد شيخ أحمد *
03-02-2022 11:18:56 اخر تحديث: 18-10-2022 08:26:22

تسونامي ارتفاع الأسعار والغلاء في مناحي الحياة كافّة، بدءًا من السلع الغذائيّة ومرورًا بالكهرباء والوقود وليس انتهاء بالسكن، يعيدنا عشر سنوات إلى الوراء إلى



الاحتجاجات الاجتماعيّة التي اندلعت في عام 2011.
اليوم كما كانت الأوضاع حينذاك، تعاني الشرائح الضعيفة إلى جانب الطبقة الوسطى من موجة غلاء الأسعار، وذلك بالأساس من جرّاء أسعار السكن التي تواصل الارتفاع في مقابل إخفاق الحكومات المختلفة في توفير الحلول لأزمة السكن.
لكنّ موجة الغلاء هذه ليست حكرًا على دولة إسرائيل لوحدها فحسب، بل تتأثّر، من جملة أمور أخرى، من ارتفاع أسعار الموادّ الخامّ في العالم.
هكذا على سبيل المثال، الارتفاع في أسعار النفط الذي قفز من سعر منخفض في العام الماضي بسبب الانكماش في الاقتصاد العالمي نتيجة لأزمة كورونا، إلى سعر يتعدّى 80 دولارًا للبرميل.
هناك عامل آخر لموجة الغلاء وهو الزيادة الكبيرة في أسعار النقل البحري، بالإضافة إلى التأخير في تفريغ حمولات السفن بسبب فترات الإغلاق والحجْر الصحي، والنقص في بعض عناصر الإنتاج من جراء فترات الإغلاق التي أثّرت في الإنتاج في المصانع. 

عوامل محلية
وهناك بطبيعة الحال عوامل محليّة تؤثّر في موجة ارتفاع الأسعار، مثل: تركيز الاقتصاد الإسرائيليّ.
فعلى سبيل المثال، تتحكّم شركة " أوسم - نستلة " في سوق الموادّ الغذائيّة في فئات القهوة الفورية سريعة الذوبان بما نسبته 48.6%.
علاوة على ذلك، فإنّ سياسة حماية الموادّ الزراعيّة التي تحدّ من الاستيراد الموازي من الخارج أدّت إلى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعيّة.
الدليل على ذلك ما تبيّن من تقرير مراقب الدولة فقد وجد أن متوسّط المعدّل الجمركي الفعّال لعشرات السلع الغذائيّة وبالأساس من مجال الزراعة هو 115% (حتّى عام 2018).
من المتوقّع أن تؤثّر موجة الغلاء الراهنة على الارتفاع السنوي في نفقات العائلة بما يقارب الـ 5000 شيكل.
سيشكل هذا الارتفاع عبئًا ثقيلًا على الشرائح الضعيفة وكذلك على الطبقة الوسطى.
الموجة الجديدة التي بدأت بعد عام ونصف من الأزمة الصحيّة الصعبة التي أدت إلى فترات الإغلاق، هذا بالإضافة إلى خروج أعداد كبيرة من العمال الى إجازة غير مدفوعة الأجر ساهم في حالات كثيرة إلى انخفاض دخل الأسرة.
لكن يبدو أنّ الحكومة لا تعمل بما فيه الكفاية خلال موجة ارتفاع الأسعار الحالية من أجل الحدّ من الأعباء على أصحاب المصالح التجاريّة وعلى الأسر، والعمل من أجل خفض معدل ارتفاع الأسعار.
وكما يبدو فإنّ الطريق ممهّدة للاحتجاجات الاجتماعيّة. أدّت بعض القوانين التي تمّ تشريعها في إطار قانون الميزانيّة إلى ارتفاع أسعار بعض المنتجات مثل، الأدوات أحاديّة الاستعمال والمشروبات المحلّاة. وأبرز مثال على عدم اتّخاذ الحكومة أيّ إجراء من جانبها هو الارتفاع الأخير في أسعار الوقود ممّا ادّى إلى ارتفاع سعر لتر البنزين من فئة 95 أوكتان إلى 6.71 شيكل للتر الواحد، من دون أن تتحرّك الحكومة لاتّخاذ ولو إجراء مؤقّت لتقليص نسبة الضرائب الكبيرة المفروضة على أسعار الوقود (67% من أسعار البنزين في إسرائيل هي من الضرائب المفروضة عليه).

اختلاف في الآراء
هناك اختلاف في الآراء فيما يتعلّق بالدور الذي يجب أنّ تمارسه الدولة إزاء ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة.
هل يتعيّن علينا العودة إلى الوراء عدّة سنوات ومراقبة أسعار المنتجات؟ يبدو أنّ الإجابة عن هذا السؤال " لا " ، لأنّ السوق الحرّة أفضل بالنسبة للمستهلك وكذلك للمرافق الاقتصاديّة، لكن ثمّة خطوات عديدة يتعيّن على الدولة اتّخاذها. ينبغي على الحكومة العمل لغرض الحدّ من الضرائب المفروضة على بعض السلع مثل البنزين.
بالإضافة إلى ذلك، يتعيّن على الحكومة العمل من أجل تقليص المركزيّة في سوق المواد الغذائيّة وزيادة المنافسة في هذا الفرع من خلال استيراد المنتجات الزراعيّة والموادّ الغذائيّة من خارج البلاد، بالإضافة إلى دعم فرع الزراعة لتجنّب انهياره من جرّاء الاستيراد من الخارج.
علاوة على ذلك، يتعيّن على الحكومة بلورة خطّة عمل تحول دون ارتفاع أسعار السكن.
كما يجب على الحكومة تقديم الدعم للمصالح التجاريّة التي تضرّرت من الموجة الخامسة لأزمة كورونا، وزيادة ميزانيّات الوزارات الاجتماعيّة وتقديم المساعدة للعائلات التي تعاني من الضائقة الاقتصاديّة، وتوفير الحلول لانعدام المساواة في إسرائيل الذي اتّسع في العقود الأخيرة وعدم تغلغل النمو الاقتصادي إلى الطبقات الدنيا وإيجاد التوازنات التي تجعل الشرائح الضعيفة تنال حظّها من النمو الاقتصادي.
هذا بالإضافة إلى دعم مناطق الأطراف البعيدة عن المركز والاستجابة لظاهرة الفقر العميقة المتفشيّة في المجتمع العربي التي تعتبر من أسباب الكثير من الظواهر السلبيّة في هذا المجتمع وفي مقدمتها العنف المستشري.

* كاتب المقال: مدقّق حسابات، محاضر في الكليّة الأكاديميّة سبير وجامعة بن غوريون في النقب

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان:
[email protected] .


صورة للتوضيح  فقط - تصوير: AJ_Watt