logo

من تراثنا - الأطفال والشتاء | بقلم المربي: محمد صادق جبارة

27-01-2022 12:29:23 اخر تحديث: 18-10-2022 08:46:08

فصل الشتاء هو فصل الخير والبركة والعطاء . يمتاز هذا الفصل بأهمية خاصة في حياة الفلاح الطيباوي، خاصة أن منطقة الطيبة كانت زراعتها تعتمد على ماء المطر


الصور من كاتب المقال محمد جبارة

فالعلاقة التي تربط الفلاح الطيباوي بالمطر هي علاقة حب عميق فهو ينتظر محبوبه بشوق عظيم، ويقف الساعات الطوال أمام شباك بيته يرقب تساقط قطرات الماء وهي تعانق أرضه الطيبة التي تشده إليها قصة حب أبدية رغم العواصف وشدة الرياح والأمطار الغزيرة، وهكذا يتعانق الأحبة الثلاثة: الماء والأرض والإنسان، فلا عجب والحالة هذه أن يكون هذا الفصل رغم برودته و صقيعه أحب الفصول إلى فلاحينا وأطفالنا .

أغاني الأطفال
في هذا المقال سوف نتحدث عن الأطفال والشتاء، نتحدث عن أغانيهم وألعابهم وقصص الجدات في هذا الفصل .
رغم أن فصل الشتاء ثقيل على الأطفال لأنه يحرمهم من متعة اللعب في الحقول والساحات ويلزمهم البقاء في البيوت خوفاً من السيول والعواصف والرياح الشديدة والبرد، إلا أنهم لا يفقدون الوسيلة للترفيه واللعب والتسلية وقضاء أوقات فراغهم حيث يمارسون ألعاباً خاصة تلائم هذا الفصل، ومنها البنانير والسيجة والحاكم والجلاد والطميمة أو لعبة أنا النحلة أنا الدبور ولعبة الكال. لقد كانت الألعاب الشعبية تمارس من قبل الصغار والكبار على حد سواء وإن كان الصغار أكثر إرتباطاً بهذه الألعاب لأنها جزءٌ مهم من عالمهم الطفولي ونشأتهم الإجتماعية .

أما أثناء نزول المطر بغزارة فإن الأطفال يبقون في بيوتهم يتسلون بأغان مستلهمة من هذا الفصل. و كثيراً ما يصادف أن يرى الأطفال عجوزاً خارجة من بيتها فيستهجنون ذلك عليها ويصيحون معاً :
 يا رب تشتي يا رب
خلي العجايز تنظب
مطرت الدنيا مطرت
على العجوز الي خطرت ( خرجت من البيت )

ومن أغانيهم عندما يرون جدهم عائداً إلى البيت يحمل ( قرامي ) الحطب الكبيرة لتدفئتهم فإنهم يلتفون حوله يداعبونه في براءة الأطفال وبقصد إزالة التعب عنه .
امطري يا مطره    على عرق الشجرة
امطري وزيدي   بيتنا حديدي
امطري و زيدي   على قرعة سيدي
سيدي بالمغارة    قتل قطة وفاره

وبعد فترة من سقوط المطر تبدأ المياه تنزل عن سطوح المنازل من المزاريب فهم يستغلون هذا ليعبروا عن شعورهم تجاه أطفال الجيران خاصة إذا كان بينهم سوء تفاهم ( محاربة ) .
 المزراب بشقع المزراب بشقع
إلي محاربني يطق ويفقع

وعند جلوسهم حول النار يرددون :
مدارج مدارج    قفتين و عارج
 و أمنا و أبونا    لاعبونا ع التفاح
      يا قلايد يا ملاح
 يا دبوس يا منحوس    نار الدم من الدروس
      قيمي إيدك يا مليحة يا عروس

وعند تساقط البرد وإشتداد البرد يغنون :
 شتي يا دنيا شتي
      وطرطق طرطق يا مزراب
 الحمدلله إرتحنا من الصيف
      إرتحنا من تموز و آب

وعند ظهور الشمس أيام الشتاء يخرج الأطفال مرددين :
  شمسي يا شميسة   عند دار أبو عيشة
  عيشه في البياره    بتلقط خياره
  قلت إلها إطعميني   ضربتني ع فمي
  طاح الديك في البستان  قطع كوسا و بيتنجان

فالموروث الشعبي الطيباوي مليء بالأمثال ولفصل الشتاء نصيب منها لا بل يعتبر الأغنى بين فصول السنة الذي طالته القصص والحكايات فالشتاء له طعم خاص وحلاوة وحنين وذاكرة في التراث الشعبي الطيباوي ففي الشتويه إعتاد أفراد العائلة والأقارب وخاصة الأطفال الجلوس حول مائدة النار ( الكانون ) طلباً للدفء ويستمر السهر وحكايا الجدات جبينة . نص إنصيص . حددون . الشاطر محمد و غير ذلك .
وبالنهاية نقول لأحبائنا الصغار ، ياريت هاي الأيام ترجع زي زمان ساق الله على تلك الأيام .