صورة عن غلاف كتاب " معجم شخصيات التوراة " - الصورة من كاتب المقال
بل: أنا من عشيرة " كُل مين عَدينو الله يعينو "، و " لا إكراه في الدّين "، و " الدّين لله والوطن للجميع ".
في الأسبوع المُنصرم من 22.1.2022 حتى 29.1.22022 قرأ اليهود في كُنُسهم فَصْلَ / قِصّة / باب يثرو( شُعيبّ ! )، كما ورد في كتابهم المقدّس / التوراة، سِفْرُ الخروج (ספר שמות, פרשת יתרו)، الصّحف العبريّة تُشير إلى هذا الفصل سنويّاً، وكلّ كاتب يُشير إلى الحدث من وجهة نطره وتفسيره واجتهاده، وكثيراً ما تتضارب وجهات النّظر بين هذا المُحَلِّل أو ذاك، ويبقى المجال مفتوحاً للتأويل والتّحليل، ولا إجماع في ذلك.
الصّحافيّة: سيفان راهف مئير، يديعوت أحرونوت 21 /1/2022 ، أشارت للموضوع بتوسّع، ربطت الفصل مع الوصايا العشر، وعدم تطبيق بعضها، بل الانقضاض عليها ونقضها، الوصيّة السادسة: لا تقتل! فالقتل مُسْتَشْرٍ يميناً ويساراً! وعلى الهويّة أحياناً، أمّا الوصيّة العاشرة فهي: (لا تَشْتَهِ بيتَ قريبكَ، إمرأةً قريبك، ولا عبدَه ولا أمَتَهُ، ولا ثوره ولا حماره،ّ ولا شيئاً ممّا لقريبك !)، وهذا الكلام لا يقرأه غُلاة المستوطنين الذين ينظرون شذراً للأغيار مثلنا، ولا تننطبق عليهم الوصايا / الكلمات العشر من قريب او بعيد، وحُماة ظهورهم بعض السّاسة القابعين في قواقع عنصريّة جوفاء !
يبدو أن هؤلاء هم أصحاب القرار والشّور والدّستورّ، فحين نصح شعيبُ (صهرَه) أصول الشّرع والقضاء العادل / سفر الخروج *إصحاح 18 ، الآيات:20 -23 :( وعلّمْهُم الفرائضَ والشّرائع، وعرّفهم الطريق الذي يسلكونه، والعمل الذي يعملونه، وأنت تنظر من جميع الشّعب ذوي القُدرة خائفين اللهَ أمناءً مُبغضين الرّشوة، وتُقيم عليهم رؤساءَ ألوفٍ ورؤساءَ مئاتٍ ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات، فيقضون للشعب كل حين، ويكون أنّ كلّ الدّعاوي الكبيرة يجيئون بها إليكَ، وكلّ الدعاوي الصّغيرة يقضون هم فيها، وَخَفّف عن نفسك، فَهُم يحملون معك، إن فعلت هذا الأمر وأوصاك الله تستطيع القيام، وكلّ هذا الشّعب أيضاً يأتي إلى مكانه بسلام.)
الكثيرون من الأغيار ومن شعب الله( المختار) يُجلّون هذا الكلام، ويكون هذا مناراً ينير طريقهم، في الليلة الظّلماء، وهناك صفوة مدعومة تعيث خراباً وفساداً دون عقاب، وهم فوق القانون والدولة والإرادة الإلهيّة!
وما تقوله سيفان في هذا السّياق: (وختاماً فالأمر الإلهي الأصعب في جميع الوصايا، يدخل في لُبّ الرّوح: كيف يمكنُه أمري بما أشْعُرُ، ويأمُرُ ألاّ أشْتَهِ؟ هذه الفقرة كذلك تُصبح عملييّة، خاصّة في عصرنا، ويبدو لي وجود صناعات تامّة تطفح بالنّقود، تعمل ليل نهار، كالدّعايات وشبكات التّواصل، لِإثارة حَسَدنا، كأنّها تصرخ بنا: إشْتَهِ، إحْسِدْ، أقْتلً ...) وما يدور في مجتمعاتنا المحلّيّة المختلفة من انتهاكات علنيّة وجرائم، تكاد لا تُحصى على الصّعيدين المجتمعي والرّسمي!
السّيّد: إيتان كلينسكي شاعر ومعلّم للتوراة، كتب بتاريخ: 21 /1 /2019 ، في موقع ( على الجانب الأيسر/عَلْ تصاد سْمول)، في نفس الفصل/الباب، تحت عنوان: بَطَلُ فصل / باب الأسبوع (يثرو) عارَضَ طردً الّلاجئين، جاء فيه: يثرو حَمَى موسى في بيته، أعالَهُ، وفّر له عملاً يُعطي اللاجئ أمناً إقتصاديّاً، وسمح له ببناء أسْرة مع ابنته صفورا(المُتَبَنّاة ن،ن)، هذا المقال له أهمّيّته، رغم مرور ثلاث سنوات على كتابته، لِأن الواقع الاجتماعي والسّياسي الذي نعيشه يشير إلى القلق الدّائم، ويُضيف إبتان: ممّا يُؤلم أنّهُ في حكومة إسرائيل وبرلمانها، يوجد أصحاب وظائف ليسوا أقِلّة، فتوصيات يثرو لا تمتُّ لنهج حياتهم، ولا لعالَم مُصطلحاتهم، هذا الفصل يدفع القارئ لحساب الذّاتّ: هل نحن أبناء الشّعب اليهودي يُسمح لنا بأن نتنكّر لكافّة التزاماتنا لـ (ميثاق اللاجئين)، وكانت إسرائيل من المُبادرين لَهُ ولصياغته عام1951 ، بعد سِتّ سنوات للكارثة الرّهيبة التي حلّتْ بنا؟، ويضيف الكاتب: يثرو كإنسان وقائد ورَجُل دين، لم يقف في الاتّجاه المعاكس، ولم يُقفل قلْبَهُ ، بيتَه وحدودَه أمام اللاجئين، ويُشير: نحن كمجتمع ندعم طرد اللاجئين .
هذا الفصل فيه الكثير من التّعقيدات والإثارات والتّعليلات، سِفر الخروج يتوسّع بها، أمّا في سفر التّثنية ( دْفريم) فلا ذِكْر ليثرو في النّصائح، ويذهب بعض المُفسّرين للقول: موسى تجاهل هنا ذِكْرَ حَميهِ، لِأنّه لا يرغب بذِكر آخرين أعقل وأدرى منه بالقضاء والشّرع.
نعود للعهد القديم القائل: يثرو هو حمو موسى عليه السّلام، وَصِفورا ابنة يثرو / شعيب هي قرينة موسى، وأمُّ وَلَدَيْهِ: جرشوم وإليعيزر، وهذا يُناقض عقيدة الموحِّدين الدّروز المُعتَقَدين بِأنّ شعيباً هو من الخمسة المعصومين عن الزّواج! ويضيفون: إيّاكُمْ والنّفاق، فَإنّهُ باب التّشَتُّت والافتراق!
ويأتي الكاتب العبري: يِشاي حسيدة في كتابه المرجعي الهامّ: مُعْجَمُ/ ذُخْرُ/ شخصيّات التّوراة ،ملامحهم وأعمالهم، طبقاً لأقوال حكمائهم، تبارك ذِكْرُهم(אוצר אישי התנ"ך)، إصدار رؤوبين ماس 1999 /القدس، فيقول الكاتب بصراحة ص344 :(باتية ابنة فرعون، وصفورة ابنة يثرو، هما أختان توأمان، أخذاهما من السّوق ككنز لجَمالهما، فأصبحتا ابتَيهما)، (أيّ ابنتين بالتّبنّي/ ن ،ن )
وما دُمْنا في سيرة النّبي شُعيب، فهو بالعبريّة (יתר/ יתרו, יתרון,חובב,רעואל) وهذا معناهُ: أفضل/ أفْضَلِيّة، حبيب الله، خليل الله، إضافة إلى ذلك فإن اليهود القادمين من تونس الخضراء، حافظوا على موروثهم الروحي من هناك، فيقيمون وجبة فاخرة، في فصل يثرو، قوامها الحمام المحشي ( الزّغاليل)، بعد أن شُفِيَ صغارهم من وباء ألَمَّ بهم إبّانَ هذا الفصل.
*ويعود إلى ذاكرتنا في هذا المقام الحديث النّبوي العَطِر قائلاً: بكى شعيب من حُبّ الله عزّ وَجَلّ حتّى عَمِيَ، فَرّدّ الله بصره أربع مرّات، ولمّا كانت الرّابعة، أوْحى الله إليه: إلى متى يا شعيبُ يكون هذا مِنْكَ ؟ إن يكون هذا خوفاً من النّار فقد أجَرْتُكَ، وإن يكون شوقاَ للجنّة فقد أبَحْتُكَ ! فقال شعيب (ع) إلهي وسيدي أنت تعلَم أنّي ما بكيت خوفاَ من نارك! ولا شوقاً إلى جنّتكَ، ولكن عقد حُبّك في قلبي، فلستُ أصبر أو أراك! فأوحى الله جلّ جلاله إليه: أمّا إذا كان هكذا، فمن أجل هذا سَأُخْدِمُكَ كليمي موسى بن عمران.
ونبقى مع تعدّديّة المعتقدات والآراء،رغم تناقضها أحياناً، وفي هذا مَخرج للجميع.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected] .